عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

كتاب الأذان
  
              

          ░░10▒▒ (ص) كِتابُ الأذانِ.
          (ش) أي: هذا كتاب في بيان أحكام الأذان، وفي بعض النُّسَخ بعد البسملة: <أبواب الأذان> وسقطت البسملة في رواية القابسيِّ وغيره.
          و(الأذان) في اللغة: الإعلام، قال الله تعالى: {وَأَذانٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ}[التوبة:3]، مِن: أذَّن يؤذِّن تأذينًا وأذانًا؛ مثل: كلَّم يُكلِّم تكليمًا وكلامًا، فالأذان والكلام: اسم المصدر القياسيِّ، وقال الهرويُّ: الأذان والأذين والتأذين بمعنًى، وقيل: الأذين: المؤذِّن، (فعيل) بمعنى (مُفَعِّل) وأصله مِنَ الأُذن؛ كأنَّه يُلقي في آذان الناس بصوته ما يدعوهم إلى الصلاة، وفي الشريعة: الأذان: إعلامٌ مخصوص، بألفاظ مخصوصة، في أوقات مخصوصة، ويقال: الإعلام بوقت الصلاة التي عيَّنها الشارع بألفاظ مُثَنَّاة، وقال القرطبيُّ وغيره: الأذان على قلَّة ألفاظه مشتمل على مسائل العقيدة؛ لأنَّه بدأ بالأكبريَّة، وهي تتضمَّن وجود الله وكماله، ثُمَّ ثنَّى بالتوحيد ونفي الشريك، ثُمَّ بإثبات الرسالة، ثُمَّ دعا إلى الطاعة المخصوصة عقيب الشهادة بالرسالة؛ لأنَّها لا تُعرَف إلَّا من جهة الرسول، ثُمَّ دعا إلى الفلاح؛ وهو البقاء الدائم، وفيه الإشارة إلى المعاد، ثُمَّ أعاد ما أعاد توكيدًا.
          ويحصل مِنَ الأذان الإعلام بدخول الوقت، والدعاء إلى الجماعة، وإظهار شعائر الإسلام، والحكمة في اختيار القول له دون الفعل سهولة القول وتيسيره لكلِّ أحد في كلِّ زمان ومكان.