مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب من كره القعود على الصور

          ░92▒ باب من كره القعود على الصور
          فيه حديث عائشة: أنها اشترت نمرقة... الحديث.
          وحديث الليث، عن بكير، عن بسر بن سعيد، عن زيد بن خالد، عن أبي طلحة، واسمه: زيد بن سهل واختلف في الصور فكره ابن شهاب ما رسم فيها وما بسط كان رقماً أو لم يكن وقالت طائفة: إنما يكره منها ما كان في الحيطان وأما ما [كا]ن رقماً في ثوب فلا، وسواء كان الثوب منصوباً أو مبسوطاً.
          وقال آخرون: لا يجوز لباس ثوب فيه صورة ولا نصبه، وإنما يجوز من ذلك ما يوطأ.
          وبهذا قال سعد بن أبي وقاص وسالم وعروة وابن سيرين وعطاء وعكرمة قال عكرمة فيما يوطأ من الصور: هو آذن لها.
          وهو أوسط المذاهب في هذا الباب، وهو قول مالك والثوري وأبي حنيفة والشافعي.
          وقال الطحاوي: يحتمل قوله: ((إلا رقما في ثوب)) أنه أراد رقماً يوطأ ويمتهن كالبسط والوسائد.
          وقال الداودي: حديث سفيان وأسامة بن زيد، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة ناسخ لحديث نافع، عن القاسم، عن عائشة وإنما نهى الشارع أولاً عن الصور كلها وإن كانت رقماً؛ لأنهم كانوا حديث عهد بعبادة الصور، فنهى عن ذلك جملة ثم لما تقرر نهيه عن ذلك أباح ما كان رقماً في ثوب للضرورة إلى اتخاذ الثياب، وأباح ما يمتهن؛ لأنه يؤمن على الجاهل تعظيم ما يمتهن وبقي النهي فيما يرفه ولا يمتهن، وفيما لا حاجة بالناس إلى اتخاذه وما يبقى مخلداً في مثل الحجر وشبهه من الصور التي لها أجرام وظل؛ لأن في صنعها التشبيه بخلق الله تعالى، وكره بعضهم ما له روح وإن لم يكن له ظل على ظاهر حديث عائشة: ((إن أشد الناس عذابا))... الحديث.
          وكره مجاهد صور الشجر المثمر، ولا أعلم أحداً كرهها غيره(1).
          والنمرقة: وسادة صغيرة، وقيل: مرفقة، قال الجوهري: وربما سموا الطنفسة التي فوق الرحل نمرقة، عن أبي عبيد.
          قال الشيخ أبو الحسن: الرواية: فتح النون وضم الراء، والذي ذكره أهل اللغة أن فيها لغتين كسر النون والراء وضمهما حاشا أبا عبد الله القزاز، فإنه ذكر فيها ثلاث لغات والثالثة: ضم النون وفتح الراء، قال: ويقال: نمرق بلا هاء.
          وفي ((المحكم)): قيل: هي الطنفسة، وفي ((الكامل)): النمرق ما يجعل تحت الرحل.
          وقيل: حديث عائشة في النمرقة مفسر لكل حديث جاء في الصور وناسخ له؛ لأنه خبر، والخبر / لا ينسخ، قاله الداودي.
          وقال أبو عبد الملك: خبر عائشة منسوخ.
          فإن قلت: كيف ينسخ وقد أخبر بما يكون في الآخرة، والخبر لا ينسخ؛ لأنه يدخل في ذلك الكذب.
          قيل له: هذا أمر اختلف فيه الناس، وإذا قارن الخبر الأمر جاز فيه النسخ، وهذا قارنه الأمر ووقع النسخ في الأمر، وهي العبادة التي أمرهم أن لا يتخذوها، ثم نسخ ذلك بالإباحة.
          وقيل: حديث عائشة خبر لا ينسخ، ومعناه: أنه كره النمرقة في خاصة نفسه، وأباحها للناس للحاجة إلى ذلك، وكان ◙ يكره لخاصة نفسه وزوجاته وبناته الدنيا، وفيه بعد؛ لقوله: ((إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة)).
          وقيل: خبر عائشة مخصوص بالأجر.


[1] في هامش المخطوط: ((أقول: وحجة قول مجاهد ظاهرة وهو أن المانع من اتخاذ الصور المضاهاة والمضاهاة حاصلة في ذي الروح والشجر وغيرها وهذا ظاهر لا يحتاج إلى توضيح)).