مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب ثياب الخضر

          ░23▒ باب ثياب الخضر
          فيه عن عكرمة: أن رفاعة طلق امرأته، فتزوجها عبد الرحمن بن الزبير الحديث. وسلف في الطلاق وغيره.
          وموضع الحاجة منه قول عائشة: (وعليها خمار أخضر) والثياب الخضر من لباس أهل الجنة كما سلف.
          قال تعالى: {يَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا} [الكهف:31] وكفى بهذا شرفاً لها وترغيباً فيها.
          وفيه: أن للرجل ضرب زوجته عند نشوزها عليه وإن أثر ضربه في جلدها، ولا حرج عليه في ذلك، ألا ترى أن عائشة قالت لرسول الله: لجلدها أشد خضرة من ثوبها، ولم ينكر عليه(1).
          وفيه: أن للنساء أن يطالبن أزواجهن عند الإمام بقلة الوطء(2)، وأن يعرضن بذلك تعريضاً بينا فالصريح، ولا عار عليهن في ذلك.
          وفيه: أن للزوج إذا ادعي عليه بذلك أن يخبر بخلاف ذلك ويعرب عن نفسه، ألا ترى قوله: يا رسول الله والله إني لأنفضها نفض الأديم. وهذه الكناية من الفصاحة العجيبة، وهي أبلغ في المعنى من الحقيقة.
          وفيه: الحكم بالدليل لقوله في بنيه: ((لهم أشبه به من الغراب بالغراب))، فاستدل بشبههما له على كذبها ودعواها(3).
          الزبير بفتح الزاي: قتله قومه يوم بني قريظة كافراً بعد أن سأل فيه عثمان فترك، فقال: كيف يعيش المرء دون ولده؟
          ثم قال لا خير لي في الحياة. فقتل كافراً.
          قوله: (قالت: والله ما لي إليه من ذنب إلا أن ما معه ليس بأغنى إلى آخره) يحتمل أن تريد: ما ينقم مني إلا أنه أعرض عني. ويحتمل أن تريد ما أنقم عليه ذلك، وإن كان جلدني مما أنقم عليه إلا إعراضه عني. قاله الداودي وزاد: يحتمل تشبيهها بالهدبة انكساره وأنه لا يتحرك، أو أنه رقيق فشبهته بالهدبة على التقليل والمبالغة، ويحتمل أن يكون رأت من رفاعة من الجماع ما يباعد من فعل هذا فوصفته بهذا؛ ولهذا يستحب نكاح الأبكار، لأنها تظن الرجال سواء، والثيب تعدم من الضعيف ما علمته من القوي وإن كان الثاني أقوى، فقد تقول: ثم من هو أقوى منه.
          قوله: (أنفضها نفض الأديم) قد يكون بلغ جهده، / وهو عندها قليل.
          قوله: (وإن كان ذلك لم تحلي له أو لم تصلحي له) كذا في الأصول. وادعى ابن التين أن في سائر الأمهات ((تحلين)) وصوابه: تحلي، وأخبرها بذلك لعلها ترضى بالمقام.
          قوله: (أبنوك هؤلاء؟) قال: نعم. عبر عن الجمع بالتثنية، وذلك جائز. قال تعالى: {إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ} [ص:21] وهما اثنان(4).
          قوله: (لهم أشبه به من الغراب بالغراب) فيه دليل على الحكم بالقافة.
          وفيه أنه لم يقتص لها منه في الضرب؛ لقوله تعالى: {اضْرِبُوهُنَّ} [النساء:34] أي: في شأنها، ولم يذكر أنه قضى في الأعراض بشيء، فلعله علم أن الكاذب منهما يرجع عن قوله إلى الحق.
          قال والدي ⌂:
          (باب اشتمال الصماء) بالمد.
          قوله: (محمد بن بشار) بإعجام الشين المشهور ببندار بضم الموحدة وإسكان النون وبالمهملة وبالراء و(خبيب) مصغر الخب بالمعجمة والموحدة، ابن عبد الرحمن الأنصاري و(حفص) بالمهملتين ابن عاصم بن عمر بن الخطاب.
          قوله: (لبستين) بكسر اللام و(بيعتين) بفتح الموحدة و(لا يقلبه إلا بذلك) أي: لا ينصرف فيه إلا بهذا القدر وهو اللمس؛ يعني: لا ينشره ولا ينظر إليه فجعل اللمس مقام النظر وقد فسر بعضهم بيع الملامسة بأن يجعل نفس اللمس بيعاً، وبعضهم بأن يجعل اللمس موجباً لانقطاع الخيار.
          قوله: (تراض) أي: لفظ يدل عليه وهو الإيجاب والقبول، وإلا فلا شك أنه لا بد من التراضي إذ بيع المكره باطل اتفاقاً، وبعضهم فسروه بأنه هو ما ينبذ حصاه، ويقال ما وقع عليه الحصا فهو المبيع وقيل: هو رمي الحصى قطعاً للخيار، والظاهر أن تفسير هاتين البيعتين بما ذكر في الكتاب إدراج من الزهري.
          قوله: (يبدو) أي: يظهر وقال الأصمعي: هو أن يشتمل بالثوب حتى يتخلل به جسده لا يرفع منه جانباً فلا يبقى ما يخرج منه يده وسميت بها؛ لأنها تسد المنافذ كلها كالصخرة الصماء التي ليس فيها خرق ولا صدع، وقال الفقهاء: هو أن يشتمل بثوب ليس عليه غيره ثم يرفعه من أحد جانبيه فيضعه على أحد منكبيه.
          قوله: (احتباؤه) الجوهري: احتبى الرجل إذا جمع ظهره وساقيه بعمامته وقيل هو أن يقعد الإنسان على إليتيه وينصب ساقيه ويحتوي عليها بثوب ونحوه. الخطابي: هو أن يحتبي الرجل بالثوب ورجلاه متجافيتان عن بطنه والظاهر أن تفسيرهما أيضاً للزهري.
          قوله: (محمد) أي: ابن سلام و(مخلد) بفتح الميم واللام وسكون المعجمة بينهما وبالمهملة ابن يزيد بالزاي الحراني بالمهملة والراء والنون.
          و(الخميصة) بفتح المعجمة الكساء الأسود له علمان و(إسحاق) هو ابن سعيد بن عمر بن سعيد بن العاص الأموي، وفلان هو كناية عن عمرو المشهور بالأشدق، وأم خالد اسمها أمة بفتح الهمزة والميم بنت خالد بن سعيد بن العاصي وأما ابنها فهو خالد بن الزبير بن العوام فخالد الأول أموي والثاني أسدي.
          قوله: (أبلي) من أبليت الثوب إذا جعلته عتيقاً و(أخلقي) ثلاثيا ومزيداً فيه بمعناه. فإن قلت: كيف جاز عطف الشيء على نفسه؟ قلت: باعتبار تغاير اللفظين(5).
          و(سناه) بفتح المهملة وخفة النون وسكون الهاء، كلمة حبشية ومر في كتاب الجهاد في باب من تكلم بالفارسية سنه بدون الألف ومعناه: حسنة ولعلها بعينها صارت معربة بزيادة / الحاء عليها وإنما كان غرض رسول الله صلعم من التكلم بهذه الكلمة الحبشية استمالة قلبها لأنها كانت قد ولدت بأرض الحبشة.
          فإن قلت: ذكر ثمة أنها قالت أتيت رسول الله صلعم وعلي قميص أصفر فقال: سنه سنه ثم قال أبلي وأخلقي قلت: لا تنافي بينهما لاحتمال أنه صلعم حسنهما ودعا لها بالإبلاء لهما.
          قوله: (محمد بن المثنى) ضد المفرد و(ابن أبي عدي) بفتح المهملة الأولى محمد و(ابن عون) بفتح المهملة وبالنون عبد الله و(محمد) أي: ابن سيرين و(أم سليم) مصغر السلم زوج أبي طلحة أم أنس و(لا يصيبن) بالغيبة وبالخطاب و(يحنكه) أي: يدلك بحنكه شيئاً.
          و(الحريثية) منسوب إلى مصغر الحرث أي: الزرع وفي بعضها حوتكية بالمهملة المفتوحة وسكون الواو وفتح الفوقانية وبالكاف؛ أي: صغيرة ويقال رجل حوتكي أي: صغير وفي بعضها جوثية منسوب إلى الجوث وهو قبيلة أو مشبهاً بالجوت بحسب الخطوط الممتدة التي فيها، وفي بعضها جونية بالجيم والنون وهو منسوب إلى قبيلة الجون أو إلى لونها من السواد والبياض؛ لأن الجون لغة مشترك بين الأسود والأبيض.
          قوله: (الظهر) أي: الإبل وسميت به؛ لأنها تحمل الأثقال على ظهورها و(في الفتح) أي: في زمان فتح مكة وفائدة الوسم التمييز، وفيه ما كان عليه النبي صلعم من التواضع وفعل الأشغال بيده ونظره في مصالح المسلمين واستحباب تحنيك المولود وحمل المولود إلى أهل الصلاح ليحنكه ليكون أول ما يدخل جوفه ريق الصالحين.
          قوله: (رفاعة) بكسر الراء وخفة الفاء وبالمهملة و(عبد الرحمن بن الزبير) بفتح الزاي وكسر الموحدة القرظي بضم القاف وبالراء والمعجمة و(أرتها) أي: أرت(6) امرأة رفاعة عائشة خضرة بجلدها وتلك الخضرة إما كانت لهزالها وإما لضرب عبد الرحمن لها(7).
          و(سمع) أي: عبد الرحمن و(ما معه) أي: آلة الجماع (ليس بأغنى) أي: ليس دافعاً عني شهوتي تريد قصورها عن المجامعة و(النفض) كناية عن كمال قوة المباشرة، وأما لفظ الناشز فحذف منه التاء كحائض لأنها من خصائص النساء فلا حاجة إلى التاء.
          قوله: (لم تحلي له) في بعضها لم تحلين.
          فإن قلت: ما وجهه إذ كلمة لم جازمة قلت: هو بمعنى لا تحلين، والمعنى أيضاً عليه؛ لأن أن للاستقبال، وقال الأخفش: إنَّ لم تجئ بمعنى لا وأنشد:
لولا فوارس من قيس وأسرتهم                     يوم الصليفاء لم يوفون بالجار
          و(الأسرة) بضم الهمزة الرهط و(الصليفاء) بالمهملة واللام والفاء والمد.
          فإن قلت: كيف يذوق والآلة كالهدبة؟ قلت: قيل إنها كالهدبة في رقتها وصغرها بقرينة الابنين الذين معه ولقوله: أنفضها، ولإنكاره صلعم عليها وإثبات المشابهة بينه وبينهما.
          وفيه إثبات القيافة ومر الحديث مراراً.
          الزركشي:
          (عن بيعتين) بكسر الباء؛ لأن المراد هذه الكيفية، لا المرة.
          (حريثية) نسبة إلى حريث رجل من قضاعة، كذا في ((الصحيحين))، قال ابن الأثير: والمعروف جونية، نسبة إلى بني الجون قبيلة من الأزد، وقيل: إلى لونها وهو الأسود والأبيض.
          ورواه ابن السكن: ((خيبرية)) نسبة إلى خيبر.
          وروي لغير (خ): ((حوتية)) كأنه نسبة إلى الحوت، ويمكن أن يراد: عليها خطوط ممتدة.
          (الزبير) بفتح الزاي.
          (القرظي) بضم القاف وكسر الظاء المشالة، نسبة لبني قريظة.


[1] في هامش المخطوط: ((أقول: قولها آلى إليه من ذنب إلى آخره، فإن الظاهر أن يقول بالدال من دنب إلا أن تابعه كذا وكذا؟ قلت: يحتمل أن يكون معناه آلى إليه من ذنب أي: إلى الإطالة بالجماع وهو لا يقدر عليه فيضربني وإنما معه مثل هدبة.. إلى آخره)).
[2] في هامش المخطوط: ((أقول: مذهبنا أنه ليس لها أن تطالب إلا مرة لتنتفي العنة وأما بعد ذلك فلا يلزمه إثباته)).
[3] في هامش المخطوط: ((أقول: فإن قلت: كون أن له ولدين لا يدل على أن قوته الآن باقية، والتعرض يحصل له فإنه ربما حصل له عارض من كبر أو مرض منعه عن ذلك؟ قلت: الأصل الاستصحاب)).
[4] في هامش المخطوط: ((أقول: وقوله اختصموا)).
[5] في هامش المخطوط: ((أقول: أبلي وأخلقي ثم أبلي وأخلقي ليس اللفظان متغايرين؟ قلت: مقصود والدي ☼التغاير بين أبلي وبين أخلقي وهو ظاهر مغايرة فالسؤال والإشكال باق بين الكلامين)).
[6] في هامش المخطوط: في (خ): ((بصرت)).
[7] في هامش المخطوط: ((أقول: الظاهر من ألفاظ الحديث أنه من الضرب)).