مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب الإزار المهدب

          ░6▒ باب الإزار المهدب
          ويذكر عن الزهري إلى آخره ثم ذكر حديث عائشة في امرأة رفاعة السالف.
          وليس فيه أكثر من أن الثياب المهدبة من لبس السلف وأنه لا بأس بها. وقال ابن التين: يريد بها غير مكفوفة الأسفل.
          وهدب الثوب وهدابه: بأعلى أطرافه.
          وقال الداودي: ما يبقى من الخيوط من أطراف الأردية والأزر يكون لها كالكف لئلا ينسر، وليس ذلك من الخيلاء. وعند الهروي: هدبت الشيء: قطعته. قال: والهدبة: القطعة والطائفة، ومنه هدبة الثوب.
          قوله: (ابن الزبير) هو بفتح الزاي، والجلباب: الملحفة.
          قوله: (لا حتى يذوق عسيلتك) فيه رد واضح على ابن المسيب في دعواه حلها بالعقد، والعسيلة: حلاوة الفرج في الفرج ليس الإنزال، ودخلت الهاء في تصغير العسل؛ لأنه يذكر ويؤنث والغالب التأنيث، وقيل: إنما أنث لأنه أراد به العسيلة، وهي القطعة منه، يقال للقطعة من الذهب: ذهبة، وسمي به الجماع، شبهت لذته بالعسل.
          ومعاوية هذا قرشي هاشمي مدني، روى عن رافع بن خديج وأبيه وجمع، وعنه ابنه والزهري وجمع، ثقة عالم.
          قال والدي ⌂:
          (كتاب اللباس).
          قوله: (إسراف) وهو صرف الشيء زائداً على ما ينبغي و(المخيلة) بفتح الميم الكبر و(ما أخطأتك) أي: ما دام تجاوز عنك خصلتان و(الأخطاء) التجاوز عن الصواب أو ما نافية؛ أي: لم يوقعك في الخطأ اثنتان و(الخطأ) الإثم.
          فإن قلت: القياس أن يقال بالواو؟ قلت: أو بمعنى الواو، وهو كقوله تعالى: {لَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا} [الإنسان:24] على تقدير النفي إذ انتفاء الأمرين لازم فيه.
          قوله: (زيد بن أسلم) بلفظ أفعل التفضيل و(الخيلاء) بضم الخاء وكسرها، والمخيلة والبطر والكبر متقاربة.
          فإن قلت: لا ينظر الله حقيقة أولا قلت: النظر تقليب الحدقة وهو تعالى منزه عن ذلك فهو مجاز عن اللطف والرحمة؛ أي: لا يلطف به وأما بالنسبة إلى من يمكن له النظر كما تقول: السلطان لا ينظر إلى الوزير فهو كناية عنهما.
          قال في ((الكشاف)): في قوله تعالى: {وَلاَ يَنظُرُ إِلَيْهِمْ} [آل عمران:77] إنه مجاز عن السخط عليهم.
          فإن قلت: أي فرق بين استعماله فيمن يجوز عليه النظر ومن لا يجوز؟ قلت: أصله فيمن يجوز هو الكناية؛ لأن من اعتد بالإنسان التفت إليه، ثم كثر حتى صار عبارة عن الاعتداد والإحسان وإن لم يكن ثمة نظر، ثم جاء فيمن لا يجوز عليه مجرد معنى الإحسان مجازاً عما وقع كناية عنه فيمن يجوز النظر عليه.
          قوله: (زهير) مصغر الزهر ابن معاوية / الجعفي و(موسى بن عقبة) بضم المهملة وسكون القاف وبالموحدة.
          قوله: (يسترخي) فإن قلت: ما كان السبب في أصل الاسترخاء ثم في تخصيص أحد الشقين؟ قلت: قال ابن قتيبة في كتاب المغازي كان أبو بكر ☺ نحيفاً أحنى لا يستمسك إزاره يسترخي عن حقويه.
          أقول: لفظه يصح بالحاء المهملة وبالجيم يقال: رجل أحنى الظهر بالمهملة ناقصيا أي: في ظهره احديداب، ورجل أجنأ بالجيم مهموزاً أي: أحدب الظهر ثم إن الاسترخاء يحتمل أن يكون من طرف القدام نظراً إلى الاحديداب وأن يكون من اليمين أو الشمال نظراً إلى النحافة، إذ الغالب أن النحيف لا يستمسك إزاره على السواء والله أعلم(1).
          وفيه أن المحرم ما كان للخيلاء وأما ما لم يكن لها فلا بأس به قالوا القدر المستحب فيما ينزل إليه طرف القميص والإزار لنصف الساق والجائز بلا كراهة ما تحته إلى الكعبين وما نزل عنهما إن كان للخيلاء فهو ممنوع منع التحريم وإلا فمنع تنزيه.
          قوله: (محمد) أي: ابن يوسف و(عبد الأعلى) بن مسهر بفاعل الإسهار بالمهملة والراء.
          و(يونس بن عبيد) مصغر ضد الحر البصري و(الحسن) أي: البصري و(أبو بكرة) اسمه: نفيع بتصغير ضد الضر الثقفي و(ثاب الناس) أي: اجتمعوا مر في الكسوف.
          قوله: (التشمير) من شمر إزاره إذا رفعه و(شمر في أمره) أي: خف و(إسحاق) إما ابن إبراهيم وإما ابن منصور و(ابن شميل) مصغر الشمل بالمعجمة هو النضر بسكون المعجمة و(عمر بن أبي زائدة) ضد الناقصة الهمداني و(عون) بفتح المهملة وإسكان الواو وبالنون، وهو يروي عن أبيه يعني: أبا جحيفة مصغر الجحفة بالجيم والمهملة والفاء اسمه وهب و(عون) تابعي و(أبو جحيفة) صحابي و(العنزة) بالتحريك أطول من العصا وأقصر من الرمح وفيه زج و(الحلل) برود اليمن و(الحلة) إزار ورداء لا تسمى حلة حتى تكون ثوبين.
          قوله: (ما أسفل) ما موصولة وبعض صلته محذوف، وهو كان وأسفل خبره ويجوز أن يرفع أسفل أي: ما هو أسفل وهو أفعل ويحتمل أن يكون فعلاً ماضياً، وهذا مطلق يجب حمله على المقيد وهو ما كان للخيلاء.
          الخطابي: يريد أن الموضع الذي يناله الإزار من أسفل الكعبين من رجله في النار، كنى بالثوب عن بدن لابسه، وقد أولوا على وجهين أن ما دون الكعبين من قدم صاحبه في النار عقوبة له، أو أن فعله ذلك محسوب في جملة أفعال أهل النار.
          قوله: (أبو الزناد) بكسر الزاي وبالنون عبد الله و(الأعرج) هو عبد الرحمن و(البطر) هو الطغيان عند طول الغنى، وقيل: هو قريب من معنى الخيلاء وقيل هو شدة المرح.
          قوله: (مرجل) من الترجيل بالجيم وهو تسريح الشعر يقال: شعر رجل إذا لم يكن شديد الجعودة ولا سبطاً و(الجمة) بالضم وشدة الميم مجتمع الرأس وهو أكبر من الوفرة و(يجلجل) بالجيمين؛ أي: يتحرك وينزل مضطرباً، وهذا الرجل يحتمل أن يكون من هذه الأمة وسيقع بعد وأن يكون من الأمم السالفة فيكون إخباراً عن ما وقع وقيل: هو قارون.
          قوله: (سعيد بن عفير) مصغر العفر بالمهملة والفاء والراء و(عبد الرحمن / بن خالد) الفهمي بالفاء و(وهب بن جرير) بفتح الجيم وبتكرار الراء ابن حازم بالمهملة والزاي الجهضمي بالجيم والمعجمة الأزدي و(مطر بن الفضل) بسكون المعجمة و(شبابة) بفتح المعجمة وخفة الموحدة الأولى الفزاري بالفاء وخفة الزاي وبالراء و(شعبة) هو ابن الحجاج و(محارب) بكسر الراء ضد: المصالح ابن دثار خلاف الشعار السدوسي قاضي الكوفة و(جبلة) بالجيم والموحدة المفتوحتين (ابن سحيم) تصغير السحم بالمهملتين التيمي، و(زيد بن عبد الله) بن عمر بن الخطاب و(موسى بن عقبة) بسكون القاف و(عمر بن محمد) ابن زيد بن عبد الله بن عمر و(قدامة) بضم القاف وتخفيف المهملة ابن موسى الجمحي بضم الجيم وفتح الميم وبالمهملة مات ثلاث وخمسين ومائة.
          قوله: (مهدب) من الهدبة بالدال المهملة وهي الخملة وما على أطراف الثوب، و(أبو بكر بن محمد) ابن عمرو بن حزم بالمهملة والزاي قاضي المدينة و(حمزة) بالمهملة وبالزاي، ابن أبي أسيد مصغر الأسد الساعدي و(معاوية بن عبد الله بن جعفر) الهاشمي.
          قوله: (رفاعة) بكسر الراء وخفة الفاء وبالمهملة، القرظي بضم القاف وفتح الراء وبالمعجمة و(بت) أي: قطع قطعا كليًّا يعني: حصل البينونة الكبرى و(عبد الرحمن بن الزبير) بفتح الزاي وكسر الموحدة و(خالد بن سعيد) بن العاص و(هذه) أي: المرأة واسمها تميمة بفتح الفوقانية، وفي الإشارة تحقير لها وكنى بالعسيلة عن لذة الجماع والعسل يؤنث في بعض اللغات و(سنة) أي شريعة يعني: لا تحل المطلقة ثلاثاً للزوج الأول إلا بعد جماع الزوج الثاني.
          فإن قلت: ذلك معلوم من قوله تعالى: {فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة:230] قلت: لعل الآية [لم تكن] نزلت حينئذ أو ذلك ليس صريحاً في الجماع، وبهذا البيان صار صريحاً، مر الحديث في كتاب الشهادات.
          الزركشي:
          (السرف): تجاوز الحد، والمخيلة: الكبر، وكذلك الخيلاء، يقال: خال الرجل واختال إذا تكبر.
          (فثاب) بمثلثة: رجع.
          (ما أسفل من الكعبين من الإزار) من الأولى لابتداء الغاية، والثانية للبيان.
          (مرجل جمته) بفتح الجيم وكسرها والجمة بالضم، الترجيل: لتسريح الشعر.
          (يتجلجل به) بجيمين، أي: يتحرك به، والجلجلة الحركة مع صوت؛ أي: يسوخ في الأرض حين يخسف به، وروي: ((يتجلل))، ويروى بالخاء المعجمة، واستبعده القاضي إلا أن يكون من قولهم: خلخلت العظم [إذا أخذت] ما عليه من اللحم، قال: ورويناه في غير الصحيحين بحاءين مهملتين، انتهى كلام الزركشي.
          أقول:
          قوله: (سرف) الإسراف: التبذير في النفقة لغير حاجة أو في غير طاعة الله، وقيل: لا خير في الإسراف كما لا إسراف في الخير، وتكرر ذكر الإسراف في الحديث، والغالب على ذكره الإكثار من الذنوب والخطايا واحتقار الأوزار والآثام.
          و(الخيلاء) بالضم والكسر الكبر والعجب يقال: اختال فهو مختال، وفيه خيلاء ومخيلة؛ أي كبر.
          قوله: (يتجلجل في الأرض) أي: خسف به فهو في الخسف هابط إلى يوم القيامة بصوت كصوت الجلجل أو يتجلل فهو هابط من غير حسٍّ.


[1] في هامش المخطوط: ((أقول: النحافة تقتضي أن يسترخي مطلقاً لا من أحد الشقين، قد قيل إنه كان يسترخي أحد شقي إزاره لم يعلم من كلام ابن قتيبة ومن كلام والدي رحمهما الله بعد، ويمكن أن يقال أن الاحديداب الذي كان يظهره رضي الله عنه كان مائلاً إلى أحد شقيه فلذلك كان يسترخي الإزار من الجانب الآخر)).