مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب عذاب المصورين يوم القيامة

          ░89▒ باب عذاب المصورين يوم القيامة
          فيه حديث الأعمش، عن مسلم قال: كنا مع مسروق.. إلى آخره.
          وحديث ابن عمر أن رسول الله صلعم قال: ((إن الذين يصنعون هذه الصور يعذبون يوم القيامة يقال لهم: أحيوا ما خلقتم)) وسلفا.
          والصفة بضم الصاد: الدار والسرح، واحده: الصفف، وهي التي تكون بين يدي البيوت. فإن قلت: هل يدخل في الحديث من صورها وهو لله موحد ولرسوله مصدق؟ قلت: لا، وإنما قصد به المضاهي لخلق الله تعالى كما وصفه في حديث عائشة والمتكلف من ذلك مضاهاة ما صوره ربه في خلقه وأعظم جرماً من فرعون وآله؛ قال تعالى: {أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} [غافر:46] لأن فرعون كان كفره بقوله: {أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى} [النازعات:240] من غير ادعاء منه أنه يخلق، ولا محالة منه أن ينشئ خلقاً يكون كخلقه ╡ شبيهاً ونظيراً، والمصور بتصويره وكل منطو على تمثيله نفسه بخالقه، فلا خلق أعظم كفراً منه، فهو بذلك أشدهم عذاباً وأعظمهم عقاباً.
          فأما من صور صورة غير مضاهاة ما خلق ربه وإن كان يفعله مخطئاً، فغير داخل في معنى من ضاهى ربه بتصويره.
          فإن قلت: ما الوجه الذي جعلته به مخطئاً إذا لم يكن بتصويره لربه مضاهياً، قيل: لاتهامه نفسه عند من عاين تصويره أنه ممن قصد بذلك المضاهاة لربه، إذ كان الفعل الذي هو دليل على المضاهاة منه ظاهراً، والاعتقاد الذي هو خلاف اعتقاد المضاهي باطن لا يصل إلى علمه راءوه.
          ومعنى الحديث عند ابن عباس فيما له روح وقيل: عام.
          واحتج قائله بقوله في الحديث: ((فليخلقوا ذرة)) وهذا أشد ما روي في هذا الباب.