مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب الثياب البيض

          ░24▒ باب الثياب البيض
          فيه حديث عائشة قالت: رأيت بشمال رسول الله الحديث.
          وحديث أبي الأسود الديلي عن أبي ذر أنه قال: أتيت النبي صلعم وعليه ثوب أبيض الحديث.
          الثياب البيض من أفضل الثياب، وهو لباس الملائكة / الذين نصروا رسول الله يوم أحد وغيره، والرجلان اللذان كانا يوم أحد عن يمين رسول الله وعن شماله كانا ملكين والله أعلم.
          وكان ◙ يلبس البياض ويحض على لباسه، ويأمر بتكفين الأموات فيه، وقد صح عن ابن عباس أن رسول الله صلعم قال: ((البسوا من ثيابكم البياض فإنها من خير ثيابكم، وكفنوا فيها موتاكم)) أخرجه (د) (ق) (ت) وقال: حسن صحيح. وصححه الحاكم وابن حبان أيضاً.
          وحديث أبي ذر، وتفسير (خ) عقبه يحتاج إلى تفسير آخر، وذلك أن التوبة والندم إنما تنفع في الذنب الذي بين العبد وربه، وأما مظالم العبد فلا تسقطها عنه التوبة إلا بشرط ردها له أو غيرها.
          ومعنى الحديث: أن من مات على التوحيد يدخل الجنة وإن ارتكب الذنوب ولا يخلد كما تقوله الخوارج.
          فإن قلت: ظاهر قول (خ) أنه لم يوجب المغفرة إلا لمن تاب، فظاهر هذا يوهم إنفاذ الوعيد لمن لم يتب.
          قلت: إنما أراد (خ) ما رواه وهب بن منبه بقوله في مفتاح الجنة في كتاب الجنائز: أن تحقيق ضمان وعده ◙ لمن مات لا يشرك بالله شيئاً، ولمن قال: لا إله إلا الله، ثم مات على ذلك أنه إنما يحصل لهم دون مدافعة عن دخول الجنة، ولا عذاب ولا عقاب إذا لقوا الله تائبين أو عاملين بما أمر به، فأولئك يكونوا أول الناس دخولاً الجنة، وإن كانوا غير تائبين أو قبلهم تبعات للعباد فلا بد أيضاً لهم من دخول الجنة بعد إنفاذ الله المشيئة فيهم من عذاب أو مغفرة.
          وقال ابن التين: قول (خ) هذا خلاف ظاهر الحديث، ولو كان إذا تاب لم يقل: وإن زنا وإن سرق. والحديث على ظاهره: وإن مات مسلماً دخل الجنة قبل النار أو بعدها.
          قوله: (ثم مات على ذلك) ليس في أكثر الروايات هذه الزيادة، وهي صحيحة، نبه عليه ابن التين.
          والديلي: ضبط بضم الدال وكسرها وبفتح الهمزة فيها، وفي بعض الروايات: وبكسر الدال وسكون الياء.
          قال أبو نصر في ((صحاحه)): الدئل دويبة شبيهة بابن عرس.
          قال أحمد بن يحيى: لا نعلم اسماً جاء على فعل غير هذا.
          قال الأخفش: وإلى هذا نسب أبو الأسود الدؤلي، إلا أنهم فتحوا الهمزة على مذهبهم في النسبة استثقالاً لتوالي الكسرتين مع ياء النسب، كما ينسب إلى نمر نمري، وربما قالوا: الدولي، قلبوا الهمزة واواً؛ لأن الهمزة إذا انفتحت وقبلها ضمة، فتخفيفها أن تقلب واواً محضة.
          وقال ابن الكلبي: (هو الديلي)، قلبت الهمزة ياء حين انكسرت، وإذا انقلبت ياء كسرت الدال؛ لتسلم الياء كبيع وقيل.
          قال: واسمه ظالم بن عمرو.
          قال الجوهري: رغم فلان بالفتح إذا لم يقدر على الانتصاف؛ فقال: رغم أنفي لله رغماً ورغماً، وقال أوله الرغم الرغم، وحكي تثليث رائه.