مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب: لا يمشي في نعل واحد

          ░40▒ باب لا يمشي في نعل واحدة
          فيه حديث أبي هريرة أنه ◙ قال: ((لا يمشي أحدكم في نعل واحدة، ليحفهما جميعاً أو لينعلهما جميعاً)).
          النعل: الحذاء، مؤنثة، يقال: نعلت وانتعلت إذا لبست النعل، ونهيه عن المشي في نعل واحدة؛ لأنه معلوم أن المشي قد يشق على هذه الحال؛ لأن رفع أحد الرجلين من الماشي على حفاء إنما يكون مع التوقي لأذى يصيبه، ويكون وضعه الأخرى على خلاف ذلك من الاعتماد والوضع لها من غير محاشاة وتقية، فيختلف من أجل ذلك مشيه، ويحتاج لذلك أن يتقلل سجية المشي المعتاد، فلا بأس مع ذلك من الغبار مع سماجته في الشكل وقبح المنظر، إذ يتقي في مشيه كالأعرج، قاله الخطابي.
          وقيل: لأنه مأمور بالعدل بين جوارحه وهو من باب المثلة.
          وعبارة الهروي: نهى عنه لأنه ينسب إلى اختلال الرأي وضعف المسير.
          وقال الداودي: ويذكر عن عائشة أنها كانت تخالف هذا، فإن ثبت عنها فلم ينقلها.
          قال في ((المعونة)): ويجوز ذلك في الشيء الخفيف إذا / كان هناك عذر، وهو أن يمشي في إحداهما متشاغلاً لإصلاح الأخرى، وإن كان الاختيار أن يقف إلى الفراغ منها.
          قال الخطابي: ويدخل في النهي عن ذلك كل لباس شفع كالخفين، ولبس الرداء على المنكبين لا يدخل الرداء على أحد الشقين ويخلي الأخرى، وهو فعل العوام، وأبدع العوام في آخر الزمان لبس الخواتيم في اليدين، وليس ذلك من جملة هذا الباب(1).
          قلت: وفي ابن أبي شيبة: ((ولا في خف واحد))، وفي لفظ: ((إذا انقطع شسع أحدكم فلا يمش في الأخرى حتى يصلحها)).
          وكذا قال الطحاوي في ((مشكله)): النهي فيه صحيح، ومعناه بين؛ لأن من لبس نعلاً واحداً أو خفًّا واحداً كان ذلك عند الناس سخرية، لأنه مما ليس يستحسن من لباس الناس، فمثل هذا لو لم يكن فيه نهي لوجب أن ينهى عنه(2).
          وقال ابن عيينة: عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة أنها كانت تمشي في خف واحد، وتقول: لأخالفن أبا هريرة.
          ومن حديث رجل من مزينة: رأيت عليًّا يمشي في نعل واحدة بالمدائن.
          والشسع بكسر الشين المعجمة، ثم مهملة ساكنة، ثم عين مهملة: أحد سيور النعل الذي يدخل بين الأصبعين، ويدخل طرفه في الثقب الذي في صدر النعل المشدود في الزمام، والزمام هو السير الذي يعقد فيه الشسع.
          قال عياض: وجمعه شسوع.


[1] في هامش المخطوط: ((أقول: بردة الاضطباع في الإحرام، فإنه إخراج المنكب اليمنى عن الرداء ففيما قاله الخطابي نظر)).
[2] في هامش المخطوط: ((أقول: وينبغي أن يلحق بهذا كراهـ[ة] أن يكون كل نعل بلون وكل خف بلون وقد تعمله النساء)).