مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب الثوب الأحمر

          ░35▒ باب الثوب الأحمر
          فيه حديث البراء: كان النبي صلعم مربوعاً، الحديث.
          هو مطابق لما ترجم له، وحديث عبيد الله بن عبد الرحمن بن موهب، عن عمه، عن أبي هريرة أن عثمان رأى محمد بن عبد الله بن جعفر وعليه ملحفة معصفرة، فقال: تلبس المعصفر وقد نهى رسول الله عنه؟! فقال علي: إنه ◙ لم ينهه ولا إياك، وإنما نهاني أنا، فسكت عثمان.
          لا يعارض حديث البراء، هذا وإن جعله الطبري معارضاً، نعم رويت فيه أخبار لو كانت مستقيمة الإسناد.
          منها: أن أنساً نهى أنه ◙ كان يكره الحمرة، وقال: الجنة ليس فيها حمرة.
          ومنها: حديث عباد بن كثير عن هشام، عن أبيه أنه ◙ كان يحب الخضرة ولا يحب الحمرة.
          وحديث الحسن بن أبي الحسن أنه ◙ قال: ((الحمرة زينة الشيطان، والشيطان يحب الحمرة)).
          قال الطبري: واختلف في ذلك، فمنهم من رخص في لبس ألوان الثياب المصبغة بالحمرة، مشبعة كانت أو غير مشبعة.
          ومنهم من كره المشبعة، ورخص فيما لم يكن مشبعاً.
          ومنهم من رخص فيه للمهنة، وكرهه للبس.
          وقال غير الطبري: أجاز لبس المعصفر البراء وطلحة بن عبيد الله، وهو قول الكوفيين والشافعي.
          ولبس المعصفر عروة والشعبي وأبو وائل والنخعي والتيمي وأبو قلابة وجماعة.
          قال الطبري: والصواب عندنا أن لبس المعصفر وشبهه من الثياب المصبغة بالحمرة وغيرها من الأصباغ غير حرام، بل مباح، غير أني أحب للرجال توقي لبس ما كان مشبعاً صبغة، وأكره لهم لبسه ظاهراً فوق الثياب لمعنى: ما روي في ذلك عن رسول الله من الكراهة.
          ولأنه شهرة، وليس من لباس أهل المروءة في زمننا هذا.
          وإن كان قد كان من لباس كثير من أهل الفضل والذين قبلنا، فإن الذي ينبغي للرجل أن يتزايا في كل زمان بزي أهله ما لم يكن إثماً، لأن مخالفة الناس في زيهم ضرب من الشهرة، ويكون الجمع بين الحديثين أن لبسه ◙ للحمرة؛ ليعلم أمته أن النهي عنه لم يكن للتحريم، وإنما هو للكراهة، إذ كان الله قد ندب أمته إلى الاستنان به.
          قوله: (مربوعا) أي: لا طويلاً ولا قصيراً.