مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب هل يجعل نقش الخاتم ثلاثة أسطر؟

          ░55▒ باب هل يجعل نقش الخاتم ثلاثة أسطر؟
          فيه حديث ثمامة، عن أنس، أن أبا بكر لما / استخلف كتب له، وكان نقش الخاتم ثلاثة أسطر... الحديث.
          هذا كله مباح، وليس كون نقش الخاتم ثلاثة أسطر أو سطرين أفضل من كونه سطراً واحداً، وكنا قديماً نبحث: هل الجلالة فوق والرسول في الوسط والباقي أسفل أو بالعكس؟ فليحرر.
          وفيه: استعمال آثار الصالحين ولباس ملابسهم على جهة التبرك بها والتيمن.
          وفيه: أن من فعل الصالحين العبث بخواتمهم وربما يكون بأيديهم، وليس ذلك بعائب لهم.
          وفيه: أن يسير المال إذا ضاع أنه يجب البحث في طلبه والاجتهاد في تفتيشه كما فعل الشارع حين ضاع عقد عائشة، وحبس الجيش على طلبه حتى وجده.
          وفيه: أن من طلب شيئاً ولم ينجح فيه بعد ثلاثة أيام أن له ترك ذلك، ولا يكون مضيعاً، وأن الثلاث حد يقع بها العذر في تعذر المطلوبات.
          قال والدي ⌂:
          (باب الجلوس على الحصير).
          قوله: (محمد بن أبي بكر) المقدمي و(يحتجر) أي: يتخذ حجرة لنفسه، يقال: احتجر الأرض إذا ضربت عليها ما تمنعها به عن غيرك و(يثوبون) أي: يجتمعون.
          فإن قلت: الملال لا يصح على الله فما وجهه؟ قلت: الملال كناية عن عدم القبول أي فإن الله تعالى يقبل طاعتكم حتى تملوا، فإنه لا يقبل ما يصدر منكم على سبيل الملالة أو أطلق الملال على طريق المشاكلة، وقال الخطابي: هو كناية عن الترك أي: لا يترك الثواب ما لم تتركوا العمل مر في كتاب الإيمان.
          قوله: (ما دام) أي: دواماً عرفيًّا إذ حقيقة الدوام وهو شمول جميع الأزمنة غير مقدور.
          قوله: (قال الليث) تعليق من (خ) لأنه لم يدرك عصره و(ابن أبي مليكة) مصغر الملكة عبد الله و(المسور) بكسر الميم وإسكان المهملة وفتح الواو وبالراء ابن مخرمة بفتح الميم والراء وتسكين المعجمة بينهما و(أدعو) الاستفهام الإنكاري فيه مقدر.
          فإن قلت: كيف جاز استعمال المزر بالذهب؟ قلت: كان قبل التحريم أو أعطاه ليبيعه أو يكسو نساءه مر في باب قسمة الإمام في كتاب الجهاد.
          قوله: (أشعث بن سليم) مصغر السلم و(الميثرة الحمراء) هي ما كانت النساء تصنعه لبعولتهن مثل القطايف، وتقدم الحديث في أول الجنائز.
          قوله: (محمد بن بشار) بإعجام الشين المشددة و(النضر) بسكون المعجمة ابن أنس بن مالك الأنصاري و(بشير) ضد النذير ابن نهيك بفتح النون السدوسي البصري و(عمرو) ابن مرزوق الباهلي البصري و(الفص) بالفتح، وتقول العامة بالكسر وفي (الخاتم) أربع [لغات] فتح التاء وكسرها وخيتام بفتح الخاء وخاتام و(الورق) بكسر الراء الدراهم المضروبة وقيل الفضة.
          قوله: (أريس) بفتح الهمزة وكسر الراء وسكون التحتانية وبالمهملة منصرفاً وغير منصرف والأصح الصرف وهو موضع بالمدينة بقرب مسجد قباء.
          قوله: (يحيى بن بكير) مصغر البكر.
          فإن قلت: لم طرح الخاتم الذي من الورق وهو حلال؟ قلت: قال النووي: ناقلاً عن القاضي قال: جميع أهل الحديث هذا وهم من ابن شهاب؛ لأن المطروح ما كان إلا خاتم الذهب ومنهم من تأوله ولفق بينه وبين سائر الروايات.
          وقال: الضمير راجع إلى الذهب يعني: لما أراد صلعم تحريم خاتم الذهب اتخذ خاتم فضة فهم أيضاً اصطنعوا لأنفسهم خواتيم فضة فبعد ذلك طرح خاتم الذهب واستبدل الفضة وطرحوا الذهب واستبدلوا الفضة قلت: ليس في الحديث أن الخاتم المطروح كان من الورق، بل هو مطلق فيحمل على خاتم من ذهب، أو على ما نقش عليه نقش خاتم رسول الله صلعم ومهما أمكن ذلك لا يجوز توهيم الراوي، وأما طرح الرسول صلعم خاتمه على الجواب الثاني فكان غضباً عليهم حيث تشبهوا به في النقش.
          قال: وفيه بيان مبادرة أصحابه إلى الاقتداء بأفعاله، وفي الحديث السابق أن النبي صلعم لم يورث وإلا لدفع الخاتم إلى الورثة.
          وفيه التبرك بآثار الصالحين ولبس لباسهم، وأما جعل الفص إلى باطن الكف فلأنه أبعد من الزينة والإعجاب وأصون للفص.
          قوله: (زياد) بكسر الزاي وخفة التحتانية ابن سعد الخراساني مات باليمن و(شعيب) هو ابن أبي حمزة بالمهملة والزاي و(يزيد) من الزيادة ابن زريع مصغر الزرع أي: الحرث و(حميد) تصغير الحمد و(الوبيص) بفتح الواو وكسر الموحدة وبالمهملة البريق واللمعان و(إسحاق) قال الغساني: لم أجده منسوباً لأحد من الرواة، وقد روى (م) أي في صحيحه عن إسحاق بن إبراهيم عن معتمر أي: أخي الحاج ابن سليمان التيمي.
          فإن قلت: ليس في الحديث الأول ذكر الفص وقد ترجم عليه؟ قلت: الوبيص أكثره لا يكون إلا من الفص غالباً سواء كان فصه منه أم لا.
          قوله: (أبو حازم) بالمهملة والزاي اسمه: سلمة و(صوب رأسه) أي: خفضه و(مقامها) بفتح الميم أي: قيامها و(موليا) أي: مدبراً ذاهباً.
          فإن قلت: كيف صار ما معه من القرآن مهراً وكيف جاز النكاح بلفظ التمليك؟ قلت: قال الشافعي: جاز كون الصداق تعليم القرآن والباء للمعاوضة كقولك بعته بدينار، وأما التمليك فإما أن يكون من خصائصه صلعم، أو من خواص ذلك الصحابي أو جرى لفظ التزويج أولاً ثم قال ملكتكها، ومر مباحثه في أواخر كتاب فضائل القرآن.
          قوله: (وبيص) يقال: وبص الشيء وبيصاً وبص الشيء بصيصاً بإهمال الصاد فيهما إذا برق وتلألأ والشك من بعض الرواة عن أنس والخاتم فيه أربع لغات والأصبع عشر لغات وسلف.
          قوله: (عبد الله بن نمير) مصغر الحيوان المشهور و(أبو معمر) بفتح الميمين عبد الله و(قال إنا اتخذنا) هذا جمع للتعظيم إذ المراد أني اتخذت وسبب النهي في (لا ينقش) أنه إنما اتخذ الخاتم ونقش فيه ليختم به كتبه إلى الملوك فلو نقش غيره مثله لحصل الخلل ولبطل المقصود، و(الخنصر) الأصبع الصغرى والحكمة في كونه أنه فيه أنه أبعد عن الامتهان فيما يتعاطى باليد لكونه طرفاً، ولأنه لا يشغل اليد عما تتناوله من أشغالها.
          قوله: (آدم بن أبي إياس) بكسر الهمزة وخفة التحتانية وبالمهملة و(جويرية) مصغر ضد: الواقفة وكان في يده اليمنى؛ لأنها أفضل وأشرف فهي أحق بالزينة والإكرام.
          وقال مالك: التختم في اليسار أفضل(1) / قال في ((شرح السنة)): كان آخر الأمرين منه صلعم لبسه في اليسار.
          الخطابي: لم يكن لبس الخاتم من لباس العرب وإنما هو من زي العجم فأراد أن يكتب إلى ملوكهم يدعوهم إلى الله تعالى، وقيل: إنهم لا يقرؤون إلا كتاباً مختوماً فاتخذ خاتماً من الذهب فلما رأى الناس اتبعوه فيه رمى به وحرمه على الذكور لما فيه من الفتنة وزيادة المؤنة واصطنع خاتماً من فضة، وكان يجعل فصه مما يلي كفه؛ لأنه أبعد من التزين به وكان له صلعم خاتمان من فضة فص أحدهما منه وذلك لكراهة التزين ببعض الجواهر المتلونة ببعض الأصباغ الرائقة المناظر التي تميل إليها النفوس، وكان فص الآخر حبشيًّا وذلك مما لا بهجة له ولا زينة فيه.
          قوله: (محمد بن عبد الله) بن المثنى بن عبد الله بن أنس بن مالك و(ثمامة) بضم المثلثة وخفة الميم ابن عبد الله بن أنس فالحديث مسلسل بالأنصاريين الأنسيين و(كتب له) أي: كتب الخليفة لأنس وصورة المكتوب تقدمت في كتاب الزكاة و(رسول) بالتنوين وبدونه على سبيل الحكاية و(الله) بالرفع والجر و(أحمد) أي: ابن محمد بن حنبل الإمام المشهور و(الأنصاري) أي: محمد بن عبد الله.
          قوله (يعبث به) فإن قلت ما المراد به؟ قلت: يعني يحركه ويدخله ويخرجه وذلك صورته صورة العبث وإلا فالشخص إنما يعمل ذلك عند تفكره في الأمور.
          و(اختلفنا) أي: في الصدور والورود والمجيء والذهاب و(نزحت البئر) إذا استقيتها كلها، وكان ذلك الخاتم لعثمن كخاتم سليمان ◙ من حيث أنه إذا فقده اختلط أمر الملك عليه.
          الزركشي:
          (يحتجر) أي: يجعله لنفسه دون غيره، يقال: حجرت الأرض واحتجرتها إذا ضربت عليها مناراً تمنعها به عن غيرك.
          (في بئر أريس) يجوز صرفه.
          (التمس ولو خاتما) فيه حذف جواب لو فإنه أمر بالالتماس مطلقاً، فلما خشي أن يتوهم خروج خاتم الحديد لحقارته أكد دخوله بـ((الواو)) المدخل ما بعدها فيما قبلها، فنصبه بإضمار فعل دل عليه ما تقدم، وقول: (لا والله ولا خاتما) بالنصب عطفاً على قوله: ((التمس ولو خاتما)) ما وجدت شيئاً ولا خاتماً، ويجوز رفعه على القطع والاستئناف (الوبيص) والبصيص التلألؤ.
          قوله: (فصه حبشي) أي: حجر من بلاد الحبش، أو على ألوان الحبشة، أو منسوب إليهم.
          (اصطنع خاتما من ذهب، وجعل فصه في بطن كفه) قال الحافظ أبو ذر: لم يخرج في الصحيح أين موضع الخاتم من اليدين سوى هذا الذي قاله جويرية، في خاتم الذهب.


[1] في هامش المخطوط: ((أقول: الظاهر أن تكون اليمين ولى به لأن الخاتم ربما يكون عليه كتابة إما اسم من أسماء الله أو اسم نبي أو غيرهم من الحروف التي يتركب منها الكلام، واليسار لاستعمال القاذورات والاستنجاء ونحوه فاليمين أولى به)).