مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب الترجيل

          ░77▒ باب الترجيل
          فيه حديث عائشة: أن النبي صلعم كان يعجبه التيمن ما استطاع وسلف.
          والترجل من باب النظافة والزينة المباحة للرجال، وروى مالك عن زيد بن أسلم أن عطاء بن يسار أخبره قال: كان رسول الله في المسجد فدخل رجل ثائر الرأس واللحية، فأشار إليه رسول الله أن اخرج كأنه يعني: لصلاح شعر رأسه ولحيته، ففعل الرجل ثم رجع، فقال رسول الله: ((أليس هذا خير من أن يأتي أحدكم ثائر الرأس كأنه شيطان)).
          قال والدي ⌂:
          (باب التلبيد) هو أن يجعل المحرم في رأسه شيئاً من الصمغ ليصير شعره مثل اللبد لئلا يقع فيه القمل وقيل لئلا يشعث في الإحرام و(ضفر) بالمعجمة والفاء نسج الشعر عريضاً ومنه الضفيرة و(لا تشبهوا) من باب التفعيل بحذف إحدى التاءين أي: لا تضفروا كالملبدين فإنه مكروه في غير الإحرام مندوب فيه وكان رسول الله صلعم ملبداً في الإحرام.
          قوله: (حبان) بكسر المهملة وشدة الموحدة وبالنون / و(أحمد بن محمد) السمسار كلاهما مروزيان و(يهل) أي: يرفع صوته بالإحرام وبالتلبية ملبداً.
          قوله: (حلوا بعمرة) لأنهم كانوا متمتعين، ولم يحل رسول الله صلعم لأنه كان قارناً أو مفرداً صاحب الهدي ولا يجوز لصاحبه التحلل حتى يبلغ الهدي محله بأن ينحره و(التقليد) أن يعلق في عنق الهدي شيء ليعلم أنه هدي وهو ما يهدى إلى الحرم من النعم.
          فإن قلت: ما دخل التلبيد في الإحلال وعدمه؟ قلت: الغرض بيان أني مستعد من أول الأمر بأن يدوم إحرامي إلى أن يبلغ الهدي محله إذ التلبيد إنما يحتاج إليه من طال أمر إحرامه.
          قوله: (الفرق) بسكون الراء وفتحها و(فيما لم يؤمر فيه) أي: فيما لم يوح إليه بشيء في ذلك.
          وفيه أنه كان يتبع شرع موسى وعيسى ♂ قبل أن يقول في تلك المسألة وحي إليه.
          فإن قلت: مر آنفاً أنه قال خالفوهم قلت: قاله حيث أمر بالمخالفة.
          و(يسدلون) بضم الدال وكسرها من سدل ثوبه إذا أرخاه وشعر مسدل ضد متفرق لأن السدل يستلزم عدم الفرق وبالعكس.
          فإن قلت: لم سدل أولاً ثم فرق ثانياً؟ قلت: كان يحب موافقتهم فيما لم يؤمر فسدل موافقة لهم ثم لما أمر بالفرق فرق.
          قوله: (أبو الوليد) هشام الطيالسي و(عبد الله بن رجاء) ضد الخوف و(الحكم) بفتحتين (ابن عتيبة) مصغر عتبة الدار و(إبراهيم) النخعي و(الأسود بن يزيد) من الزيادة نخعي أيضاً و(الوبيص) بإهمال الصاد البريق و(المفرق) بفتح الميم وكسر الراء وسط الرأس موضعاً يفرق فيه الشعر وجمع نظراً إلى أن كل جزء منه كأنه مفرق وقد استعمل الطيب قبل الإحرام.
          قوله: (الفضل) بسكون المعجمة (ابن عنبسة) بفتح المهملة وسكون النون وفتح الموحدة وبالمهملة و(هشيم) مصغر الهشم بالمعجمة الواسطيان و(أبو بشر) بالموحدة المكسورة وإسكان المعجمة جعفر و(ميمونة) بنت الحارث زوج رسول الله صلعم و(الذؤابة) الضفيرة و(عمرو بن محمد) بغدادي مر في البيع.
          قوله: (محمد) أي: ابن سلام و(مخلد) بفتح الميم واللام ابن يزيد بالزاي الحراني بتشديد الراء وبالنون و(عبيد الله) ابن عمر بن حفص بالمهملتين ابن عاصم بن عمر بن الخطاب قد نسبه إلى جده و(عمر بن نافع) روى عن أبيه نافع مولى عبد الله بن عمر و(القزع) بفتح القاف والزاي وسكونها وبالمهملة حلق بعض الشعر وترك البعض، لكن الراوي فسره بأن يحلق رأس الصبي ويترك في مواضع منه الشعر متفرقاً وهذا هو الأصح والحكمة في كراهته أنه تشويه الخلق أو أنه زي أهل الشطارة أو زي اليهود.
          قوله: (القصة) بضم القاف وشدة المهملة شعر الناصية.
          فإن قلت: ما حاصل هذا الكلام؟ قلت: حاصله أن عبيد الله قال قلت لشيخي عمر بن نافع ما معنى القزع فقال أنه إذا حلق رأس الصبي يترك هاهنا شعر وهاهنا شعر وهاهنا شعر، فأشار عبيد الله إلى ناصيته وطرفي رأسه يعني: فسر لفظة هاهنا الأولى بالناصية ولفظتيه الثانية / والثالثة بجانبيها فقيل لعبد الله فالجارية والغلام في ذلك سواء فقال عبيد الله لا أدري ذلك، لكن الذي قاله هو لفظ الصبي ولا شك أنه ظاهر في الغلام، ويحتمل أن يقال أنه فعيل يستوي فيه المذكر والمؤنث أو هو للذات الذي له الصبا، فقال عبيد الله: فعاودت عمر فيه فقال أما حلق القصة وشعر القفا للغلام خاصة فلا بأس بهما، ولكن القزع غير ذلك. قال النووي: والمذهب كراهته مطلقاً.
          قوله: (عبد الله بن المثنى) ضد المفرد و(أحمد) ابن محمد السمسار المروزي و(لحرمه) بضم المهملة وكسرها وسكون الراء لإحرامه و(يفيض) من الإفاضة.
          فإن قلت: كيف جاز ذلك وهو في الإحرام؟ قلت: مراده قبل طواف الإفاضة أي: قبل أن يفيض إلى الطواف وهو عند التحلل الأول وهو بعد رمي النحر والحلق، ويحل به جميع المحرمات إلا الجماع، وجاء في سائر الروايات كما في (م) أيضاً: طيبت رسول الله صلعم لحرمه حين أحرم، ولحله قبل أن يطوف بالبيت.
          وفيه استحباب الطيب عند إرادة الإحرام وعند التحلل الأولاني.
          قوله: (إسحاق بن نصر) بسكون المهملة و(الوبيص) بفتح الواو وبإهمال الصاد البريق و(ابن أبي ذئب) بلفظ الحيوان المشهور محمد بن عبد الرحمن العامري و(الجحر) بضم الجيم الثقبة و(المدرى) بكسر الميم وسكون المهملة وبالراء مقصوراً، حديدة يسرح بها الشعر. الجوهري: هي شيء كالمسلة تصلح بها الماشطة قرون النساء ويقال: مدرت المرأة أي سرحت شعرها.
          قوله: (جعل الأذن) أي: شرع الشارع الاستئذان في الدخول من جهة الأبصار؛ أي: لئلا يقع بصر أحدكم على عورة من في الدار و(القبل) بكسر القاف الجهة و(الأبصار) بفتح الهمزة وكسرها، واستدل الأصولي به على أن حكم الشرع قد يعلل بنص قاطع وهو أحد الطرق الدالة على الغلبة والفقيه على إهدار ناظر عين حرم الغير إن عمى بنحو رمي حصاة إليه وإهدار نفسه إن سرى إلى تلفه.
          قوله: (الترجل) بالجيم هو تسريح شعر نفسه والترجيل تسريح يتعلق بغيره و(أبو الوليد) هو هشام و(أشعث بن سليم) مصغر السلم و(الوضوء) بضم الواو.
          الزركشي:
          (التلبيد) جمعه في الرأس بما يلزق بعضه ببعض كالغسول والخطمي والصمغ وشبهه لئلا يتشعث ويقمل في الإحرام.
          (من ضفر) بتخفيف الفاء وتشديدها، وهو إدخال الشعر بعضه في بعض.
          (فليحلق) يعني في الحج.
          (حبان بن موسى) بكسر الحاء بعدها موحدة.
          (الفرق) بستكين الراء مصدر فرق، وقد انفرق شعره انقسم في مفرقه، وهو وسط رأسه، وأصله الفرق بين شيئين.
          (سدل ناصيته) هو إرسال الشعر على الوجه من غير تفريق.
          (القصة) بضم القاف: شعر مقدم الرأس، سمي بذلك لأنه يقص / وقيل: شعر الناصية، وقيل: شعر معترض.
          (القزع) بالقاف والزاي، أن يحلق رأس الصبي ويترك منه مواضع متفرقة غير محلوقة تشبيهاً بقزع السحاب(1).
          (طيبته لحرمه) بضم الحاء وكسرها والضم أكثر؛ أي: لإحرامه، وأنكر صاحب ((الدلائل)) الضم، وقال: صوابه الكسر كما يقال: لحله.
          (المدرى والمدراة) حديدة أو خشبة على شكل شيء من أسنان المشط وأطول منه يسرح به الشعر الملبد ويستعمله من لا مشط له، وفسره الجوهري بالقرن.
          (من أجل الإبصار) بكسر الهمزة وفتحها.


[1] في هامش المخطوط: ((أقول: وقد استمر أمثال الديار المصرية والشامية على نحو هذا الحلق)).