مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب من جر إزاره من غير خيلاء

          ░2▒ باب من جر إزاره من غير خيلاء
          فيه حديث ابن عمر أن رسول الله قال: ((من جر ثوبه)) الحديث.
          وحديث أبي بكرة قال: ((خسفت الشمس)) الحديث.
          فيه بيان أن من سقط ثوبه بغير قصده وفعله وجره ولم يقصد به خيلاء، فإنه لا حرج عليه في ذلك، عملاً بقوله لأبي بكر: ((لست ممن يصنعه خيلاء)) ألا ترى أنه ◙ جر ثوبه حين استعجل السير إلى صلاة الخسوف وهو مبين لأمته بقوله وفعله، وقد كان ابن عمر يكره أن يجر الرجل ثوبه على كل حال، وهذه من شدائد ابن عمر، لأنه لم يخف عليه قصد أبي بكر وهو الراوي لها، والحجة في السنة لا فيما خالفها.
          وفي قوله ◙ وفي قول ابن عباس السالفين أنه مباح للرجل اللباس الحسن والجمال في جميع أموره إذا سلم قلبه من التكبر به على من ليس له ذلك من الناس وقد وردت الآثار بذلك.
          روى المعافى بن عمران بسنده / عن سواد بن عمرو الأنصاري أنه قال: يا رسول الله، إني رجل حبب إلي الجمال، وأعطيت منه ما ترى حتى ما أحب أن يفوقني أحد في شراك نعلي، أفمن الكبر ذاك؟ قال: ((لا، ولكن الكبر من بطر الحق وغمص أو: غمط الناس)).
          ومن حديث عبد الله بن عمرو أنه ◙ قال للذي سأله حبه لجمال ثيابه وشراك نعله، هل ذلك من الكبر؟ فقال ◙: ((لا، ولكن الله جميل يحب الجمال)).
          فإن قلت: فقد روى وكيع بسنده، عن علي بن أبي طالب قال: إن الرجل يعجبه شراك نعله، أن يكون أجود من شراك صاحبه، فيدخل في قوله تعالى: {تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا}الآية [القصص:83].
          قلت: أجاب الطبري أن من أحب ذلك ليتعظم به على من سواه من الناس ممن ليس له مثله، فاختال به واستكبر فهو داخل في عدد المستكبرين في الأرض بغير الحق، وإن أحب ذلك سروراً بجودته وحسنه، غير مريد به الاختيال والتكبر، فإنه بعيد المعنى ممن عناه الله بقوله: {لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ} [القصص:83] بل هو ممن أخبر الله أنه يحب ذلك من فعله على ما ورد في حديث عبد الله بن عمرو.
          والإزار يذكر ويؤنث، والإزارة مثله، ومعنى (ثاب الناس): اجتمعوا.
          روى ابن أبي شيبة عن عبد الله بن أبي الهذيل أن أبا بكر سأل رسول الله عن موضع الإزار فقال: ((مستدق الساق، لا خير فيما أسفل من ذلك ولا خير فيما فوق ذلك))، وروى أيضاً من حديث أبي مكين، عن خالد أبي أمية أن عليًّا اتزر فلحق إزاره بركبته.