إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: طيبت رسول الله بيدي هاتين حين أحرم

          1754- وبالسَّند قال: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ) المدينيُّ قال: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ) بن عُيَيْنَةَ قال: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ القَاسِم _وَكَانَ أَفْضَلَ أَهْلِ زَمَانِهِ_) وسقط قوله: «وكان أفضل أهل زمانه» في رواية غير أبوي ذرٍّ والوقت(1) (أَنَّهُ سَمِعَ أَبَاهُ) أي: القاسم بن محمَّد بن أبي بكرٍ الصِّدِّيق (_وَكَانَ أَفْضَلَ أَهْلِ زَمَانِهِ_) وهو أحد الفقهاء السَّبعة (يَقُولُ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ ♦ تَقُولُ: طَيَّبْتُ رَسُولَ اللهِ صلعم بِيَدَيَّ هَاتَيْنِ حِينَ أَحْرَمَ) أي: أراد الإحرام (وَلِحِلِّهِ حِينَ أَحَلَّ) أي(2): بعد أن أحلَّ من الإحرام بعد أن رمى وحلق (قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ) بالبيت طواف الإفاضة (وَبَسَطَتْ يَدَيْهَا) قال الحافظ / ابن حجرٍ: ومطابقة الحديث للتَّرجمة مِنْ جهة أنَّه صلعم لمَّا أفاض من مزدلفة(3) لم تكن عائشة مسايرته، وقد ثبت أنَّه استمرَّ راكبًا إلى أن رمى جمرة العقبة، فدلَّ ذلك على أنَّ تطييبها له وقع بعد الرَّمي، وأمَّا الحلق قبل الإفاضة فلأنَّه صلعم حلق رأسه الشَّريفة(4) بمنًى لمَّا رجع من الرَّمي، وأخذه المؤلِّف من حديث الباب من جهة التَّطييب، فإنَّه لا يقع إلَّا بعد التَّحلُّل، والتَّحلُّل الأوَّل يقع باثنين من ثلاثةٍ: رمي جمرة العقبة، والحلق أو التَّقصير، وطواف الإفاضة، واحتجُّوا لذلك بحديث: «إذا رميتم وحلقتم فقد حلَّ لكم الطِّيب والثِّياب وكلُّ شيءٍ إلَّا النِّساء» رواه البيهقيُّ وغيره وضعَّفوه، والذي صحَّ في ذلك: ما رواه النَّسائيُّ بإسنادٍ جيِّدٍ _كما في «شرح المُهذَّب»_: أنَّه صلعم قال: «إذا رميتم الجمرة فقد حلَّ لكم كلُّ شيءٍ إلَّا النِّساء»، وقضيَّته: حصول التَّحلُّل الأوَّل بالرَّمي وحده، وهو يدلُّ على أنَّ للحجِّ تحلُّلين، فمن قال إنَّ الحلق نسكٌ كما هو قول الجمهور والصَّحيح عند الشَّافعيَّة يُوقَف(5) استعمال الطِّيب وغيره من مُحرَّمات الإحرام عليه، وقال المالكيَّة: إذا رمى وحلق ونحر، حلَّ له كلُّ شيءٍ إلَّا النِّساء والصَّيد والطِّيب، فإن(6) تطيَّب قبل طواف الإفاضة فلا شيء عليه على المشهور. انتهى.
          وفي هذا الحديث: استحباب التَّطيُّب(7) بين التَّحلُّلين، والدُّهن مُلحَقٌ بالطِّيب.


[1] قوله: «وسقط قوله: وكان أفضل أهل زمانه في رواية غير أبوي ذرٍّ والوقت» جاء في (م) بعد قوله: «الفقهاء السَّبعة»، وليس بصحيحٍ.
[2] «أي»: ليس في (د).
[3] في (م): «بالمزدلفة».
[4] في (ب) و(س): «الشَّريف».
[5] في (د) و(م): «توقَّف».
[6] في (ص): «فإذا».
[7] في (د): «الطِّيب».