إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: قرأت المفصل الليلة في ركعة

          775- وبه قال: (حَدَّثَنَا آدَم) بن أبي إياسٍ (قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ) بن الحجَّاج (عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ) بضمِّ الميم وتشديد الرَّاء، ابن عبد الله الكوفيِّ الأعمى، وفي روايةٍ لأبوي ذَرٍّ والوقت والأَصيليِّ وابن عساكر‼: ”حدَّثنا عمرو بن مُرَّة“: (قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا وَائِلٍ) بالهمز، شقيق بن سلمة (قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ) هو نَهِيكٌ؛ بفتح النُّون وكسر الهاء، ابن سِنان، بكسر السِّين المُهمَلة، البجليُّ (إِلَى ابْنِ مَسْعُودٍ فَقَالَ) له: (قَرَأْتُ المُفَصَّلَ) كلَّه (اللَّيْلَةَ فِي رَكْعَةٍ) واحدةٍ؟! (فَقَالَ) له ابن مسعودٍ منكرًا عليه عدم التَّدبُّر وترك التَّرتيل، لا جواز الفعل: (هَذًّا) بفتح الهاء وتشديد المُعجَمة، أي: أتهذُّ هذًّا (كَهَذِّ الشِّعْرِ؟!) أي: سردًا وإفراطًا في السُّرعة لأنَّ هذه الصِّفة كانت عادتهم في إنشاد الشِّعر (لَقَدْ عَرَفْتُ النَّظَائِرَ) أي: السُّور المتماثلة في المعاني؛ كالمواعظ و(1) الحكم والقصص، لا المتماثلة في عدد الآي، أو هي المرادة لِمَا(2) سيأتي من ذكرهنَّ المقتضي اعتبارهنَّ لإرادة التَّقارب في المقدار [خ¦4996] (الَّتِي كَانَ النَّبِيُّ) ولأبي ذَرٍّ والأَصيليِّ: ”كان رسول الله“ ( صلعم يَقْرُِنُ بَيْنَهُنَّ) بفتح أوَّله وضمِّ الرَّاء، ويجوز كسرها (فَذَكَرَ عِشْرِينَ سُورَةً مِنَ المُفَصَّلِ سُورَتَيْنِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ) وهي: «الرَّحمن» و«النَّجم» في ركعةٍ، و«اقتربت» و«الحاقَّة» في ركعةٍ، و«الذَّاريات» و«الطُّور» في ركعةٍ، و«الواقعة» و«ن(3)» في ركعةٍ، و«سأل» و«النَّازعات» في ركعةٍ، و«ويلٌ للمطفِّفين» و«عبس» في ركعةٍ، و«المدَّثِّر» و«المزَّمِّل» في ركعةٍ، و«هل أتى» و«لا أقسم» في ركعةٍ، و«عمَّ يتساءلون»(4) و«المرسلات» في ركعةٍ، و«إذا الشَّمس كوِّرت» و«الدُّخان» في ركعةٍ، رواه أبو داود، وهذا على تأليف مصحف ابن مسعودٍ، وهو يؤيِّد قول القاضي أبي بكر بن الباقلَّانيِّ: إنَّ تأليف السُّور كان عن اجتهادٍ من الصَّحابة لأنَّ تأليف عبد الله مغايرٌ لتأليف مصحف عثمان، واستُشكِل: عدُّ «الدُّخان» من المُفصَّل، وأُجيب بأنَّ ذكرها معهنَّ فيه تجوُّزٌ.
          وفي الحديث ما ترجم له وهو الجمع بين السُّورتين، لأنَّه إذا جمع بين سورتين جاز الجمع بين ثلاثةٍ فصاعدًا لعدم الفرق، وسقط لفظ «كلَّ» من قوله: «سورتين في كلِّ ركعة» لابن عساكر وأبي الوقت.
          ورواة هذا الحديث الخمسة ما بين كوفيٍّ وواسطيٍّ وعسقلانيٍّ، وفيه: التَّحديث والسَّماع والقول، وأخرجه مسلمٌ والنَّسائيُّ في «الصَّلاة».


[1] في (ص) و(م): «أو».
[2] في (ب) و(س): «كما».
[3] في (د): «نون».
[4] «يتساءلون»: مثبتٌ من (ص).