إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: لتسون صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم

          717- وبالسَّند قال: (حدَّثنا أَبُو الوَلِيدِ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ المَلِكِ) الطَّيالسيُّ (قَالَ: حدَّثنا شُعْبَةُ) بن الحجَّاج (قَالَ: أَخْبَرَنِي) ولأبي ذَرٍّ: ”حدَّثني“ بالإفراد فيهما (عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ) بفتح العين في الأوَّل، وضمِّ الميم وتشديد الرَّاء في الثَّاني، الجهنيُّ الكوفيُّ الأعمى (قَالَ: سَمِعْتُ سَالِمَ بْنَ أَبِي الجَعْدِ) بفتح الجيم وسكون العين (قَالَ: سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ) بفتح المُوحَّدة وكسر المُعجَمَة (يَقُولُ: قَالَ النَّبِيُّ صلعم ): والله (لَتُسَوُّنَّ) بضمِّ التَّاء وفتح السِّين وضمِّ الواو المُشدَّدة وتشديد النُّون المؤكِّدة، ولأبي ذَرٍّ عن الحَمُّويي والمُستملي: ”لتسوون“ بواوين والنُّون للجمع (صُفُوفَكُمْ) باعتدال القائمين بها على سَمْتٍ واحدٍ، أو بسدِّ الخلل فيها (أَوْ لَيُخَالِفَنَّ الله) بالرَّفع على الفاعليَّة، وفتح اللَّام الأولى المؤكِّدة وكسر الثَّانية وفتح الفاء، أي: ليوقعنَّ اللهُ المخالفةَ (بَيْنَ وُجُوهِكُمْ) بتحويلها عن مواضعها إن لم تقيموا الصُّفوف جزاءً وفاقًا، ولأحمد من حديث أبي أُمامة: «لَتُسَوُّنَّ الصُّفوف أو لتطمسنَّ الوجوه»، أو المراد: وقوع العداوة والبغضاء واختلاف القلوب، واختلاف الظَّاهر سببٌ لاختلاف الباطن، وفي / رواية أبي داود وغيره بلفظ: «أو ليخالفنَّ الله بين قلوبكم»، أو المراد: تفترقون فيأخذ كلُّ واحدٍ وجهًا غير الَّذي يأخذه صاحبه لأنَّ تقدُّمَ الشَّخص على غيره مظنَّةٌ للكِبْر المفسد للقلب الدَّاعي للقطيعة، وعُزِي هذا الأخير للقرطبيِّ، واحتجَّ ابن حزمٍ للقول بوجوب التَّسوية بالوعيد المذكور لأنَّه يقتضيه، لكنَّ قوله في الحديث الآخر: «فإنَّ تسوية الصُّفوف من تمام الصَّلاة» [خ¦722] يصرفه إلى السُّنَّة، وهو مذهب الشَّافعيِّ وأبي حنيفة ومالكٍ، فيكون الوعيد للتَّغليظ والتَّشديد.