عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

باب ما يجوز أن يخلو الرجل بالمرأة عند الناس
  
              

          ░112▒ (ص) بَابُ مَا يَجُوزُ أَنْ يَخْلُوَ الرَّجُلُ بِالْمَرْأَةِ عِنْدَ النَّاسِ.
          (ش) أي: هذا بابٌ في بيان ما يجوز أن يخلو _أي: بأن يخلوَ_ الرجل بالمرأة، حاصله: أنَّ الرجل الأمين ليس عليه بأسٌ إذا خلا بامرأةٍ في ناحيةٍ مِنَ الناس لِمَا تسأله عن بواطن أمرها في دِينها وغير ذلك مِن أمورها، وليس المراد مِن قوله: (أَنْ يَخْلُو الرَّجُلُ) أن يغيب عن أبصار الناس؛ فلذلك قيَّده بقوله: (عِنْدَ النَّاسِ) وإِنَّما يخلو بها حيث لا يسمع الذي بالحضرة كلامَها ولا شكواها إليه.
          فَإِنْ قُلْتَ: ليس في حديث الباب أنَّهُ خلا بها عند الناس.
          قُلْت: قول أنسٍ في الحديث: (فخلا بها) يدلُّ على أنَّهُ كان مع الناس فتنحَّى بها ناحيةً؛ لأنَّ أنسًا _الذي هو راوي الحديث_ كان هناك، وجاء في بعض طرقه: أنَّهُ كان معها صبيٌّ أيضًا، فصحَّ أنَّهُ كان عند الناس، ولا سيَّما أنَّهم سمعوا قوله صلعم : «أنتم أحبُّ الناس إليَّ» يريد بهم الأنصار، وهم قومُ المرأة.