عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

باب: لا يخلون رجل بامرأة إلا ذو محرم والدخول على المغيبة
  
              

          ░111▒ (ص) بَابٌ: «لَا يَخْلُوَنَّ بِامْرَأَةٍ إِلَّا ذُو مَحْرَمٍ» وَالدُّخُولُِ عَلَى الْمُغِيبَةِ.
          (ش) أي: هذا بابٌ يذكر فيه: لَا يخلونَّ بامرأةٍ... إلى آخره، وهذه الترجمة مشتملةٌ على حكمين؛ أحدهما: عدم جواز اختلاء الرجل بامرأةٍ أجنبيَّةٍ، والثاني: عدم جواز الدخول على المغيبة، فحديث الباب يدلُّ على الحكم الأَوَّل، والحكم الثاني ليس فيه صريحًا، وإِنَّما يؤخذ بطريق الاستنباط.
          وَقوله: (إِلَّا ذُو مَحْرَمٍ) وهو مَن لا يحلُّ له نكاحها مِنَ الأقارب؛ كالأب والابن والأخ والعمِّ ومَن يَجري مَجراهم.
          قوله: (وَالدُّخُولُِ) بالجرِّ والرفع، قاله بعضهم، ولم يبيِّن وجهَهما.
          قُلْت: أَمَّا الجرُّ فللعطف على (بامرأةٍ) على تقدير: ولا بالدخول على المُغيبة، وأَمَّا الرفع فعلى أنَّهُ خبر مبتدأ محذوفٍ؛ تقديره: وكذا الدخول على المُغِيْبَة، وهو بِضَمِّ الميم وكسر الغين المُعْجَمة وسكون الياء آخر الحروف وفتح الباء المُوَحَّدة، وهي التي غاب عنها زوجها، يقال: أغابتِ المرأة؛ إذا غاب زوجها، فهي مُغِيْبَة، وتُجْمَع على (مُغِيبَات)، وقد روى التِّرْمِذيُّ حديث نصر بن عليٍّ: حَدَّثَنَا عيسى بن يونس عن مجالدٍ، عن الشعبيِّ، عن جابرٍ، عن النَّبِيِّ صلعم قال: «لا تَلِجُوا على المُغِيْبَات، فإنَّ الشيطان يجري مِن أحدكم مَجرَى الدَّم...» الحديث، وقال: هذا حديثٌ غريبٌ مِن هذا الوجه، وقد تكلَّم بعضهم في مجالد بن سعيدٍ مِن قِبَل حفظه.