عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

باب: كيف يدعى للمتزوج
  
              

          ░56▒ (ص) بَابُ كَيْفَ يُدْعَى لِلْمُتَزَوِّجِ.
          (ش) أي: هذا بابٌ في بيان كيفيَّة الدعاء للذي يتزوَّج، قال ابن بَطَّالٍ: أراد بهذا الباب ردَّ قول العامَّة عند العرس بقولهم: بالرفاء والبنين.
          فَإِنْ قُلْتَ: روى الطبرانيُّ في «الكبير» مِن حديث معاذ بن جبلٍ ☺ : أنَّ النَّبِيَّ صلعم شهد إملاك رجلٌ مِنَ الأنصار، فخطب رسول الله صلعم وأنكح الأنصاريَّ، وقال: «على الألفة والخير والبركة والطير الميمون والسعة في الرزق»، وأخرجه أبو عمر النَّوْقَانيُّ في كتاب «معاشرة الأهلين» مِن حديث أنسٍ، وزاد فيه: «والرفاء والبنين».
          قُلْت: الذي أخرجه الطبرانيُّ في «الكبير» ضعيفٌ، وأخرجه أيضًا في «الأوسط» بسندٍ أضعف منه، وفي حديث النُّوقانيِّ أَبَان العَبْدِيُّ وهو ضعيفٌ، وأخرج التِّرْمِذيُّ: حَدَّثَنَا قُتيبة: أخبرنا عبد العزيز بن مُحَمَّدٍ، عن سهيل بن أبي صالحٍ، عن أبيه، عن أبي هُرَيْرَة: أنَّ رسول الله صلعم كان إذا رَفَّأ الإنسان إذا تزوَّج قال: «بارك الله لك وبارك عليك وجمع بينكما في خيرٍ» وقال: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ، وأخرجه أبو داود أيضًا عن قُتيبة، والنَّسائيِّ في «الكبير» و«اليوم واللَّيلة» عن عبد الرَّحْمَن بن عُبَيدٍ، وابن ماجه عن سُوَيد بن سعيدٍ.
          قوله: (إِذَا رَفَّأَ) قال شيخنا: هو بفتح الراء وتشديد الفاء مهموزٌ، وهو المشهور في الرواية، مأخوذٌ مِنَ الالتئام والاجتماع، ومنه: رفؤ الثوب، وقال الجَوْهَريُّ: الرَّفاء _بالمدِّ_ الالتئام والاتِّفاق، يقال للمتزوِّج: بالرفاء والبنين، ورواه بعضهم: (رفى) مقصورًا بغير همزةٍ، ورواه بعضهم: (رفح) بالحاء المُهْمَلة موضع الهمزة، ومعنى الأَوَّل _أعني المقصور_ القول بالرفاء والاتِّفاق، ومعنى الثاني: على أنَّهُ رفاء بالهمزة، ولكنَّه أبدل الهمزة حاءً، وأخرج النَّسائيُّ مِن رواية أشعث عن الحسن، عن / عقيل بن أبي طالبٍ: أنَّهُ تزوَّج امرأةً مِن بني جُشم فقالوا: بالرفاء والبنين، فقال: لا تقولوا هكذا، ولكن قولوا _كما قال رسول الله صلعم _: «اللهمَّ بارك لهم وبارك عليهم» وهو مرسلٌ.