عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

باب: الوليمة حق
  
              

          ░67▒ (ص) بَابٌ الْوَلِيمَةُ حَقٌّ.
          (ش) أي: هذا بابٌ ترجمتُه أنَّه حقٌّ، وليس في ألفاظ حديث الباب لفظ: (حقٌّ)، وإِنَّما جاء لفظ: (حَقٌّ) في حديثٍ أخرجه البَيْهَقيُّ عن أنسٍ مرفوعًا: «الوليمة في أَوَّل يومٍ حقٌّ، وفي الثاني معروفٌ، وفي الثالث رياءٌ وسمعةٌ» ثُمَّ قال البَيْهَقيُّ: ليس بقويٍّ، فيه بَكْر بن خنيسٍ، تكلَّموا فيه.
          قُلْت: بلى؛ قال العِجْلِيُّ: كوفيٌّ ثقةٌ، وأخرج الحاكم حديثَه، وحسَّن التِّرْمِذيُّ حديثه، وجاء لفظ: (حقٌّ) أيضًا في حديثٍ رواه أبو الشيخ مِن حديث مجاهدٍ عن أبي هُرَيْرَة مرفوعًا: «الوليمة حقٌّ وسُنَّةٌ...» الحديث، وجاء أيضًا في حديثٍ أخرجه الطبرانيُّ مِن حديث وحشيِّ بن حَرْبٍ رفعه: «الوليمة حقٌّ، والثانية معروفٌ، والثالثة فخرٌ» وفي رواية مسلمٍ عن أبي هُرَيْرَة قال: «شرُّ الطعام طعام الوليمة، يُدعَى الغنيُّ ويُترَك المسكين، وهي حقٌّ» أي: ثابتٌ في الشرع، وليس المراد به الوجوب، خلافًا لأهل الظاهر، وقد مرَّ الكلامُ فيه مع الخلاف فيه في (باب الصُّفرة للمتزوِّج).
          (ص) وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَن بْنُ عَوْفٍ: قَالَ لِي النَّبِيُّ صلعم : «أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ».
          (ش) هذا التعليق وصله البُخَاريُّ مطوَّلًا في أَوَّل (كتاب البيوع) والأمر فيه للاستحباب، وعند الظاهريَّة للوجوب، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة؛ لظاهر الأمر، وفي «التوضيح»: للشافعيِّ قولٌ آخرُ: إنَّها واجبةٌ؛ أي: الوليمة، وكذا روي عن أحمد، وهو مشهور مذهب مالكٍ، قاله القرطبيُّ.