عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

باب: السلطان ولي
  
              

          ░40▒ (ص) بَابُ السُّلْطَانُ وَلِيٌّ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صلعم : «زَوَّجْنَاكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ».
          (ش) أي: هذا بابٌ فيه أنَّ السلطان وليُّ مَن لا وليَّ له، وقال ابن بَطَّالٍ: أجمع العلماء على أنَّ السلطان وليُّ مَن لا وليَّ له، وأجمعوا أنَّ له أن يزوِّجها إذا دعت إلى كفءٍ وامتنع الوليُّ أن يزوِّجها.
          واختلفوا إذا غاب عن البكر / أبوها وعَمِيَ خبرُه وضربت فيه الآجال، مَن يزوِّجها؟ فقال أبو حنيفة ومالكٌ: يزوِّجها أخوها بإذنها، وقال الشَّافِعِيُّ: يزوِّجها السلطان دون باقي الأولياء، وكذلك الثيِّب إذا غاب أقرب أوليائها.
          واختلفوا في الولي من هو؟ فقال مالكٌ واللَّيث والثَّوْريُّ والشَّافِعِيُّ: هو العَصَبة الذي يرث، وليس الخال ولا الجدُّ لأمٍّ ولا الإخوة لأمٍّ أولياءَ عند مالكٍ في النكاح، وقال مُحَمَّد بن الحسن: كلُّ مَن لزمه اسم وليِّ فهو وليٌّ يعقد النكاح، وبه قال أبو ثورٍ.
          واختلفوا مَن أولى بالنكاح الوليُّ أو الوصيُّ؟ فقال ربيعة ومالكٌ وأبو حنيفة والثَّوْريُّ: الوصيُّ أولى، وقال الشَّافِعِيُّ: الوليُّ أولى، ولا ولاية للوصيِّ على الصغير، وقال ابن حزمٍ: ولا إذنَ للوصيِّ في إنكاحٍ أصلًا، لرجلٍ ولا لامرأةٍ صغيرين كانا أو كبيرين.
          قوله: (لِقَوْلِ النَّبِيِّ صلعم ) ذكره في معرض الاحتجاج على أنَّ السلطانَ وليُّ مَن لا وليَّ له، ويُروى: <بقول النَّبِيِّ صلعم > بالباء المُوَحَّدة موضع اللَّام.
          قوله: (زَوَّجْنَاكَهَا) بنون الجمع؛ للتعظيم، كذا وقع في رواية أبي ذرٍّ، وفي رواية غيره: <زوَّجتُكَها> بالإفراد.