عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

باب لبن الفحل
  
              

          ░22▒ (ص) بَابُ لَبَنِ الْفَحْلِ.
          (ش) أي: هذا بابٌ في بيان لبن الفَحْل؛ بفتح الفاء وسكون الحاء المُهْمَلة؛ أي: الرجُل، ونسبة اللَّبن إليه مجازٌ؛ لكونه سببًا فيه.
          واختُلِفَ فيه؛ فقال قومٌ: لبن الفحل يُحَرِّم، وهو قول ابن عَبَّاسٍ فيما ذكره التِّرْمِذيُّ، وقول عائشة فيما ذكره ابن عبد البرِّ، وبه قال عروة بن الزُّبَير وطاووس وعطاءٌ وابن شهابٍ ومجاهدٌ وأبو الشَّعْثَاء وجابر بن زيدٍ والحسن والشعبيُّ وسالمٌ والقاسم بن مُحَمَّدٍ وهشام بن عروة على خلافٍ فيه، وهو قول أبي حنيفة ومالكٍ والشَّافِعِيِّ وأحمد وأصحابهم والثَّوْريِّ والأوزاعيِّ واللَّيث وإسحاق وأبي ثورٍ، وقال قومٌ: ليس د لبن الفحل بمحرِّمٍ، رُوي ذلك عن جماعةٍ مِنَ الصحابة؛ منهم: ابن عمر وجابر وعائشة _على اختلاف عنها_ ورافع بن خَدِيجٍ وعبد الله بن الزُّبَير، ومِنَ التَّابِعينَ قول سعيد بن المُسَيَّبِ وأبي سَلَمَةَ بن عبد الرَّحْمَن وسليمان بن يسارٍ وأخيه عطاء بن يسارٍ ومكحولٍ وإبراهيم النَّخَعِيٍّ وأبي قِلَابَة وإياس بن معاوية والقاسم بن مُحَمَّدٍ وسالمٍ والشعبيٍّ على خلاف عنه، وكذلك الحسن وإبراهيم ابن عُلَيَّةَ وداود الظاهريِّ فيما حكاه عنه أبو عمر في «التمهيد»، والمعروف عن داود خلافه، وقال القاضي عياضٌ: لم يقل أحدٌ مِنَ أئِمَّة الفقهاء وأهل الفتوى بإسقاط حرمة لبن الفحل إلَّا أهل الظاهر وابن عُلَيَّةَ، والمعروف عن داود موافقة الأئِمَّة الأربعة.
          قُلْت: يعنى: لبن الفحل يحرِّم؛ أنَّهُ يثبت حرمة الرضاع بينه وبين الرضيع ويصير والدًا له، ويكون أولادُ الرضيع أولادَ الرجل، خلافًا لمن قال: لبن الفحل لا يحرِّم. /