عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

باب: لا يتزوج أكثر من أربع
  
              

          ░19▒ (ص) بَابٌ لَا يَتَزَوَّجُ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ.
          (ش) أي: هذا بابٌ يُذكَر فيه أنَّهُ لا يتزوَّج الرجلُ أكثرَ مِن أربع نسوةٍ، وهذا لا خلاف فيه بالإجماع، ولا يُتْلَفت إلى قول الروافض ونحوهم بأن يتزوَّج إلى تسع نسوةٍ.
          (ص) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ}[النساء:3] وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ: يَعْنِي: مَثْنَى أَوْ ثُلَاثَ أَوْ رُبَاعَ، وَقَوْلُهُ جَلَّ ذِكْرُهُ: {أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ}[فاطر:1] يَعْنِي: مَثْنَى أَوْ ثُلَاثَ أَوْ رُبَاعَ.
          (ش) أي: لأجل قوله تعالى، ذكره في معرض الاستدلال على أنَّ الأكثر مِنَ الأربع لا يجوز، بيانه أنَّ المراد به التخيير بين الأعداد الثلاثة لا الجمع؛ لأنَّه لو أراد الجمع بين تسعٍ لم يعدل عن لفظ الاختصار، ولقال: فانكِحوا تسعًا، والعرب لا تدع أن تقول: تسعة، وتقول: اثنان وثلاثة وأربعة، فلمَّا قال: {مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} صار التقدير: مَثنَى مَثنَى وثلاث وثلاث ورباع ورباع، فيفيد التخيير، وقد عُلِم أنَّ {مَثْنَى} معدولٌ عن (اثنين اثنين) و{ثُلَاثَ} عن (ثلاثة ثلاثة)، و{رُبَاعَ} عن (أربعة أربعة).
          قوله: (وَقَالَ عَلِيُّ بْنِ الْحُسَينِ) وهو عليُّ بن الحسين بن عليِّ بن أبي طالبٍ ♥ ، أشار به إلى أنَّ الواو هنا بمعنى (أو) التي هي للتنويع؛ كما في قوله تعالى في ذكر صفة أجنحة الملائكة: {مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاع}[فاطر:1] أراد: مَثنَى أو ثلاث أو رباع، واستدلاله بقول عليِّ بن / الحسين زين العابدين ☺ مِن أحسن الأدلَّة في الردِّ على الروافض لكونه مِن أئمَّتهم الذين يرجعون إلى قولهم ويدَّعون أنَّهم معصومون، فإن قالوا: النَّبِيُّ صلعم مات عن تسعٍ، ولنا به أسوةٌ، قلنا: إنَّ ذاك مِن خصائصه، كما خُصَّ أن ينكح بغير صداقٍ، وأنَّ أزواجه لا ينكحن بعده، وغيره ذلك مِن خصائصه، وموته عن تسعٍ كان اتِّفاقًا، وصحَّ أنَّ غيلان بن سلمة أسلم وتحته عشر نسوةٍ، فقال له صلعم : «اختر منهنَّ أربعًا وفارق سائرهنَّ».