الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب: إذا تزوج الثيب على البكر

          ░101▒ (باب: إذا تزَوَّجَ الثَّيِّبَ عَلَى البِكْر)
          قال العلَّامة العينيُّ: وهذه التَّرجمة عكس التَّرجمة الَّتي قبلها، ثُمَّ قال بعد حديث الباب: أخرج الطَّحاويُّ هذا الحديث مِنْ عشر طرقٍ صِحاحٍ، ثُمَّ قال: فذهب قومٌ إلى أنَّ الرَّجل إذا تزوَّج الثَّيِّب أنَّه بالخيار إن شاء سبَّع لها وسبَّع لسائر نسائه، وإن شاء أقام عندها ثلاثًا ودار على بقيَّة نسائه يومًا يومًا وليلةً ليلةً، قلت: أراد بالقوم إبراهيم النَّخعيَّ وعامر الشَّعبيَّ ومالكًا والشَّافعيَّ وأحمد وإسحاق وأبا ثورٍ وأبا عُبيدٍ، ثُمَّ قال: وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا: إن ثلَّث لها ثلَّث لسائر نسائه، كما إذا سبَّع لها سبَّع لسائر نسائه، قلت: أراد بالقوم هؤلاء حمَّاد بن أبي سليمان والحكم بن عُتيبة وأبا حنيفة وأبا يوسف ومحمَّدًا ⌠، واحتجُّوا في ذلك بحديث أمِّ سلمة أخرجه الطَّحاويُّ: أنَّ رسول الله صلعم قال لها: ((إنْ شئتِ سبَّعْتُ عندك سبَّعْت عندهُنَّ)) وأخرجه أحمد في «مسنده» مطوَّلًا، وأَخْرجه الطَّبَرانيُّ بأطولَ منه، وأخرجه أبو يَعلى أيضًا والبَيْهَقيُّ، قال الطَّحاويُّ: فلمَّا قال لها رسول الله صلعم: ((إن شِئْتِ سبَّعْتُ لكِ سبَّعْتُ عِنْدَهنَّ)) أي: أعدِلُ بينهنَّ وبينك، فأجعل لكلِّ واحدةٍ منهنَّ(1) سبعًا كما أقمت عندك سبعًا، كذلك إذا جعل لها ثلاثًا جعل لكلِّ واحدةٍ منهنَّ ثلاثًا، قالت الشَّافعيَّة: حديث أنسٍ المذكور في البخاريِّ حجَّةٌ على الحنفيَّة، قلت: كذلك حديث أمِّ سَلَمة حجَّةٌ على الشَّافعيَّة، واحتجَّت الحنفيَّة أيضًا بحديث عائشة رضي الله تعالى عنها: (أنَّ النَّبيَّ صلعم كان يقسم بين نسائه فيعدل) الحديث رواه الأربعة وقد مرَّ عن قريبٍ، فظاهره يقتضي المساواة بينهنَّ مطلقًا. انتهى.
          وكتب الشَّيخ قُدِّسَ سِرُّهُ في «الكوكب الدُّرِّيِّ» قوله: (ثُمَّ قَسَم بينهما بالعَدل) الرِّواية غير صريحةٍ في إخراج هذه الأيَّام مِنَ القِسمة فلا بدَّ له مِنْ دليلٍ، يعني أنَّ هذا الَّذي ذهبوا إليه ليس لهم حجَّةٌ عليه، فالصَّحيح أن تُعتبر هذه المدَّة في القسم. انتهى.
          وفي «هامش النُّسخة الهنديَّة»: قوله: (السُّنَّة إذا تزوَّج البكر...) إلى آخره، قال عليٌّ القاريُّ في «المرقاة»: أخذ بظاهره(2) الشَّافعيُّ، وعندنا لا فرق بين القديمة والحديثة لإطلاق الحديثين الآتيين في الفصل الثَّاني، أي: في «المشكاة»، وإطلاق قوله تعالى: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا} [النساء:3] وقوله: {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا} [النساء:129] وخبرُ الواحد لا ينسخ إطلاق الكتاب. انتهى.
          وهاهنا مذهبٌ ثالثٌ حكاه الحافظ عن الأوزاعيِّ، وهو أنَّ للبكر ثلاث وللثَّيب يومان وفيه حديثٌ مرفوعٌ عن عائشة أخرجه الدَّارَقُطْنيُّ بسندٍ ضعيفٍ جدًا. انتهى.
          وذكر الحافظ التَّفصيل في فروع تلك المسألة.


[1] في (المطبوع): ((منهم)).
[2] في (المطبوع): ((بظاهر)).