الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب: إذا قال الخاطب للولي زوجني فلانة

          ░44▒ (باب: إِذَا قَالَ الْخَاطِبُ: زَوِّجْنِي فُلَانَةَ...) إلى آخره
          قال الحافظ في رواية الكُشْمِيْهَنيِّ: (إذا قال الخاطب للوليِّ) وبه يتمُّ الكلام، وهو الفاعل في قوله: (وإن لم يقل) وأورد المصنِّف فيه حديث سهل بن سعدٍ في قصَّة الواهبة أيضًا، وهذه التَّرجمة معقودةٌ لمسألة هل يقوم الالتماس مَقام القَبول فيصير كما لو تقدَّم القَبول على الإيجاب كأن يقول: تَزَوَّجْتُ فلانة على كذا فيقول الوليُّ: زَوَّجْتُكَها بذلك، أو لا بدَّ مِنْ إعادة القَبول؟ فاستنبط المصنِّف مِنْ قصَّة الواهبة أنَّه لم يُنقل بعد قول النَّبِيِّ صلعم: (زوَّجْتُكها بما معك مِنَ القرآن) أنَّ الرجل قال: قد قبلت، لكن اعترضه المهلَّب فقال: بساط الكلام في هذه القصَّة أغنى عن توقيف الخاطب على القَبول لما تقدَّم مِنَ المُرَاوَضَة والطَّلب والمعَاودة في ذلك، فمَنْ كان في مثل حال هذا الرَّجل الرَّاغب لم يحتج إلى تصريحٍ منه بالقَبول لسبق العلم برغبته، بخلاف غيره ممَّنْ لم تقم القرائن على رضاه. انتهى.
          وغايته أنَّه يسلَّم الاستدلال لكن يخصُّه بخاطبٍ دون خاطبٍ وقد قدَّمت في الَّذي قبله وجه الخدش في أصل الاستدلال. انتهى.
          قلت: وهو ما تقدَّم في الباب السَّابق مِنْ قوله: وفي أخذه مِنْ هذا الحديث نظرٌ... إلى آخره.
          وقال القَسْطَلَّانيُّ تحت التَّرجمة: وهذا مذهب الشَّافعيَّة لوجود الاستدعاء الجازم ولقوله في حديث الباب: (زوِّجنيها فقال: زوَّجتكها بما معك مِنَ القرآن) ولم يُنقل أنَّه قال بعد ذلك: قبلت نكاحها. انتهى.
          قلت: وكذا عند الحنفيَّة، وفي «تقرير مولانا محمَّد حسن المكِّيِّ» قوله: (جاز النِّكاح) ولا حاجة إلى القَبول وهو المذهب، فإنَّ الواحد يتولَّى طرفَي النِّكاح، وفي «الهداية»: وينعقد بلفظين(1) يعبَّر بأحدهما عن الماضي وبالآخر بالمستقبل(2) مثل أن يقول: زَوِّجني، فيقول: زَوَّجتك، لأنَّ هذا توكيلٌ بالنِّكاح والواحد يتولَّى طرفي النِّكاح. انتهى.


[1] في (المطبوع): ((باللفظين)).
[2] في (المطبوع): ((عن المستقبل)).