الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب ما يحل من النساء وما يحرم

          ░24▒ (باب: ما يحلُّ مِنَ النِّساء وما يحرُم، وقوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} إلى آخره [النساء:23])
          قال العلَّامة العينيُّ: وقد بيَّن الله تعالى هاهنا المحرَّمات مِنَ النِّساء، وهنَّ أربع عشرة امرأةً، سبعٌ مِنْ نسبٍ وسبعٌ بسببٍ، فالسَّبع الَّتي مِنْ نسبٍ هي قوله: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} [النساء:23] إلى قوله: {وَبَنَاتُ الْأُخْتِ} [النساء:23] ثُمَّ بسط العينيُّ تلك السَّبعةَ، وأمَّا السَّبع الَّتي مِنْ جهة السَّبب فهي مِنْ قوله تعالى: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ} [النساء:23]... إلى آخر الآية، ثُمَّ بسطها مع ذكر الاختلاف في بعضها.
          قوله: (وقال أنسٌ: لا يرى بأسًا أن ينزع الرَّجل جاريةً(1)...) إلى آخره، قال الحافظ: وصله إسماعيل القاضي في كتاب أحكام القرآن بإسنادٍ صحيحٍ مِنْ طريق سليمان التَّيميِّ عن أبي مِجْلزٍ عن أنس بن مالكٍ أنَّه قال في قوله تعالى: {وَالْمُحْصَنَاتُ} [النساء:24] ذوات / الأزواج الحرائر {إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء:24] فإذا هو لا يرى بما ملك اليمينُ بأسًا أن ينزع الرَّجل الجارية مِنْ عبدِه فيطأها، وأخرجه ابن أبي شيبة مِنْ طريقٍ أخرى عن التَّيمي بلفظ: ذوات البعول، وكان يقول: بيعها طلاقها، والأكثر على أنَّ المراد بالمحصَنات ذوات الأزواج يعني أنَّهنَّ حرامٌ، وأنَّ المراد بالاستثناء في قوله: {إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء:24] المسبيَّات إذا كنَّ متزوجاتٍ، فإنَّهنَّ حلال لِمَنْ سباهنَّ. انتهى.
          قلت: وما ذهب إليه أنسٌ ليس مذهبًا لأحدٍ مِنَ الأئمَّة الأربعة، نعم رُوي ذلك عن بعض الصَّحابة كما سيأتي في كلام الباجيِّ.
          كتب الشَّيخ في «اللَّامع»: قوله: (لا يرى بأسًا أن ينزع...) إلى آخره، ذهب في تفسير الآية إلى أنَّ المراد بـ{مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء:24] أنَّ الرَّجل إذا نكح جارية(2) عبده فله أن ينزعها منه ويطلِّقها، والجمهور على أنَّه لا يملك المولى تطليق أمَته، لقوله: ((الطلاق لِمَنْ أخذ بالسَّاق)) ومحمل الآية السَّبايا اللَّاتي لهنَّ أزواجٌ، فيطهنَّ بعد الاستبراء. انتهى.
          وفي «هامشه» وفي «الأوجز» في حديث «الموطَّأ» عن ابن عمر ☺ كان يقول: ((مَنْ أذن لعبده أن ينكح فالطَّلاق بيد العبد)) الحديث.
          قال الباجيُّ: يريد أنَّ السَّيد لا يملك أن يفرِّق بينه وبين زوجته، ولا يوقع عليها طلاقًا، ولا يمنع العبد مِنْ إيقاع ذلك وإن كان له منعُه مِنَ النكاح، وبهذا قال جمهور الصَّحابة عمر وعليٌّ وعبد الرَّحمن بن عوفٍ، وبه أخذ مالكٌ وأبو حنيفة والشَّافعيُّ وسائر فقهاء الحجاز والعراق، ورُوي عن جابرٍ وعبد الله بن عبَّاسٍ أنَّ الطَّلاق بيد السَّيِّد، وقال غيرهما: إن كان السَّيِّد زوَّجه فالطَّلاق بيد العبد، وإن كان اشتراه مزوَّجًا فله أن يفرِّق بينهما. انتهى.


[1] في (المطبوع): ((جاريته)).
[2] في (المطبوع): ((أنكح جاريتَه عبدَه)).