الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب الحرة تحت العبد

          ░18▒ (باب: الْحُرَّةِ تَحْتَ الْعَبْدِ)
          قال الحافظ: أي: جواز تزويج العبد الحرَّة إن رَضيت به، أورد فيه طرفًا مِنْ قصَّة بَرِيْرَة حيث خُيِّرت حين عَتقت، وسيأتي شرحه مستوفًى في كتاب الطَّلاق، وهو مصيرٌ مِنَ المصنِّف إلى أنَّ زوج بَرِيْرَة حين عَتقت كان عبدًا. انتهى.
          وكتب الشَّيخ في «اللَّامع»: (باب: الحرَّة تحت العبد) وهذا لا يثبت بالرِّواية المورَدة فيه إلَّا إذا أسلم(1) ما ذهبت إليه الشَّافعيَّة مِنْ أنَّ زوجها كان حين عِتقها عبدًا. انتهى.
          وفي «هامشه» توضيح المسألة، كما بسط في «الأوجز» أنَّهم اختلفوا في مسألة خيار العِتق، وهي أنَّ الأمَة إذا أعتقت(2) وكان زوجها عبدًا فللأمَة المعتقة الخيارُ إجماعًا، لكن إذا كان زوجها حرًّا فالمسألة خلافيَّةٌ لا خيار لها عند الأئمَّة الثَّلاثة وغيرهم، وذهبت جماعةٌ_منهم الشَّعبيُّ والثَّوريُّ والنَّخعيُّ والحنفيَّة _إلى ثبوت الخيار لها.
          ومبنى الاختلاف بينهم هو اختلافهم في علَّة الخيار، فعلَّتها عند الأئمَّة الثَّلاثة عدمُ الكفاءة، ولذا قالوا: إنَّ الزَّوج إذا كان حرًّا فالكفاءة ثابتةٌ، فلا خيار لها حينئذٍ بخلاف ما إذا / كان عبدًا، وعندنا الحنفيَّة: علَّة الخيار مِلكها بُضعَها فإنَّ الأمَة قبل ذلك كانت محلًّا للطَّلاقين فقط، وبعد العتق صارت محلًّا للثَّلاث، وهذه العلَّة أَولى لكونها مستفادةً مِنْ قوله صلعم لبريرة حين عَتقت: ((ملكتِ بُضعك فاختاري)) ثُمَّ اختلفت الرِّوايات في زوج بريرة حين عتقت هل كان حرًّا أو عبدًا؟ ورجَّح الأئمَّة الثَّلاثة رواية كونه عبدًا لكونها موافقةً لأصلهم، ورجَّحت الحنفيَّة رواية كونه حرًّا إلى آخر ما بسط في «هامش اللَّامع».
          قلت: وميل المصنِّف إلى مسلك الجمهور، وقد ترجم فيما سيأتي: (باب: خيار الأمَة تحت العبد).


[1] في (المطبوع): ((سُلم)).
[2] في (المطبوع): ((عتقت)).