الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب: إذا زوج ابنته وهي كارهة فنكاحه مردود

          ░42▒ (باب: إِذَا زَوَّجَ الرَّجُلُ(1) ابْنَتَهُ وَهِيَ كَارِهَةٌ فَنِكَاحُهُ مَرْدُودٌ)
          قال الحافظ: هكذا أطلق، فشمل البكر والثَّيِّب لكنَّ حديث الباب مصرَّحٌ فيه بالثُّيوبة، فكأنَّه أشار إلى ما ورد في بعض طرقه كما سأبيِّنه، وردُّ النِّكاح إذا كانت ثيِّبًا فزوِّجت بغير رضاها إجماعٌ إلَّا ما نُقل عن الحسن أنَّه أجاز إجبار الأب للثَّيِّب ولو كَرهت، وعن النَّخعيِّ إن كانت في عياله جاز، وإلَّا رُدَّ.
          واختلفوا إذا وقع العقد بغير رضاها فقالت الحنفيَّة: إن أجازته جاز، وعن المالكيَّة: / إن أجازته عن قربٍ جاز وإلَّا فلا، وردَّه الباقون مطلقًا. انتهى.
          وكتب مولانا الشَّيخ أحمد على(2) المحدِّث السَّهارَنْفُوريُّ في «حاشية البخاريِّ» تفريعًا على قول الحافظ، فشمل البكر والثَّيِّب، كما هو مذهب الحنفيَّة، وكتب أيضًا على قوله كما سأبيِّنه، ولعلَّ المراد به ما ذكره بقوله.
          وقع في رواية الثَّوريِّ: ((فقالت: أنكَحني أبي وأنا كارهةٌ، وأنا بكرٌ)) والأوَّل أرجح. انتهى.
          لكن لا يخفى أنَّ وقوع الواقعة للثَّيِّبة بحسب الاتِّفاق لا يوجب أن يكون حكم البكر مخالفًا لها، والله تعالى أعلم. انتهى.
          قال العَينيُّ: قيل: هذه التَّرجمة مخالفةٌ للتَّرجمة السَّابقة حيث قال: (باب: نكاح الرِّجل ولدَه الصِّغار) وأجيب بأنَّ المراد بنتُه البالغة، يدلُّ عليه قوله: (وهي كارهةٌ) لأنَّ هذه الصِّفة للبالغات. انتهى.
          قال(3) القَسْطَلَّانيُّ في شرح قول المصنِّف في التَّرجمة: فنكاحه مردودٌ إذا كانت ثيِّبًا اتِّفاقًا مِنَ الأئمَّة الأربعة. انتهى.
          قلت: وقد ذكرت مقصود التَّرجمة السَّابقة هناك ولا يبقى حينئذٍ المخالفةُ بين التَّرجمتين كما ذكر العينيُّ، وقد تقدَّم منِّي أيضًا أنَّ الإمام البخاريَّ لا يقول بالإجبار مطلقًا كما يُستأنس ذلك مِنْ صنيعه في وضع التَّراجم في تلك المسألة، والله تعالى أعلم، وكذا لا يجوِّز الإمام البخاريُّ نكاح الرَّجل المكرَه فقد ترجم في كتاب الإكراه بعدم جوازه، كما يأتي في محلِّه.


[1] قوله: ((الرجل)) ليس في (المطبوع).
[2] في (المطبوع): ((علي)).
[3] في (المطبوع): ((وقال)).