الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب الدعاء للنساء اللاتي يهدين العروس وللعروس

          ░57▒ (باب: الدُّعَاءِ لِلنِّسْوَةِ(1) اللَّاتِي يَُهْدِينَ الْعَرُوسَ)
          لعله أشار إلى ندبه وترغيبه، وفي «هامش النُّسخة الهنديَّة» قوله: (يَُهدين) بفتح أوَّله مِنَ الهداية وبضمِّه مِنَ الهديَّة، ولمَّا كان العروس تجهَّز مِنْ عند أهلها إلى الزَّوج احتاجت إلى مَنْ يهديها الطَّريق إليه.
          وأمَّا قوله: (وللعروس) فهو اسمٌ للزَّوجين عند أوَّل اجتماعهما يشمل الرَّجل والمرأة، وهو داخلٌ في قول النِّسوة: على الخير والبركة فإنَّ ذلك يشمل المرأة وزوجها، ولعلَّه أشار إلى ما ورد في بعض طرق حديث عائشة وفيه: ((أنَّ أمَّها لمَّا أجلستها في حجر رسول الله صلعم قالت: هؤلاء أَهْلك يارسول الله بارك الله لك فيهم)) كذا قاله الشَّيخ ابن حجرٍ، قال في «المَجْمع»: والمُهْدِية كانت أمَّ عائشة فهنَّ دَعَوْنَ لها ولمَنْ معها / وللعروس لقَولِهِن: على الخير، أي: جِئتنَّ أو قَدِمتنَّ على الخير، وكذا في الكرمانيِّ. انتهى مِنَ «الحاشية» بزيادةٍ مِنَ «الفتح».
          قال الحافظ: أورد في الباب حديث عائشة وظاهره مخالفٌ للتَّرجمة فإنَّ فيه دعاء النِّسوة لِمَنْ أهدى العروس لا الدُّعاء لهنَّ إلى آخر ما بسط مِنَ الكلام في مناسبة الحديث بالتَّرجمة وغير ذلك أشدَّ أبسط(2).
          وقال العلَّامة السِّنْديُّ: قلت: ليس في الحديث ما يدلُّ على الدُّعاء لهنَّ وإنَّما فيه الدُّعاء للعروس، وقد تكلَّف بعضهم تكلُّفًا، وحاصل تكلُّفهم أنَّ الدُّعاء المذكور وهو (على الخير والبركة) شاملٌ لعائشة وأمِّها، فأمُّها(3) مُهْدِيةٌ لها وهي العروس، والله تعالى أعلم. انتهى.
          وفي «فيض الباري»: واعلم أنَّ في التَّرجمة إشكالًا، فإنَّ المتبادر مِنَ التَّرجمة كونُهنَّ مَدْعُوَّاتٍ لهنَّ، لا كونهنَّ داعياتٍ مع أنَّ المراد منه كونهنَّ داعياتٍ وهذا هو في الحديث، فقال الحافظ: إن المراد مِنَ النِّساء هي أمُّ رومان، قلت: فلزمه أن يريد مِنَ الجمع إيَّاها وفيه ما فيه، قلت: إنَّ اللَّام بعد المصدر قد تدخل على الفاعل أيضًا، كما صرَّح به الأشْمُونيُّ: في باب فعلَي التَّعجُّب، فحينئذٍ النِّساء كلُّها مُهدياتٌ وداعياتٌ، فلا يلزم إطلاق الجمع على الواحد، وإليه تلوِّح التَّرجمة الآتية، وحينئذٍ لا حاجة إلى التَّأويل الَّذي ذكره الحافظ. انتهى.


[1] في (المطبوع): ((للنساء)).
[2] في (المطبوع): ((البسط)).
[3] في (المطبوع): ((فإنها)).