الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

سورة {اقرأ باسم ربك}

           ░░░96▒▒▒ <سورة {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ}
          ♫>
          كذا في «النُّسخ(1) الهنديَّة»، وفي «نسخ الشُّروح الثَّلاثة» بغير البسملة، قال العينيُّ: وتسمَّى سورةَ العلق، وهي مكِّيَّةٌ. انتهى.
          قال الحافظ: قال صاحب «الكشَّاف»: ذهب ابن عبَّاسٍ ومجاهدٌ إلى أنَّها أوَّل سورةٍ نَزلت، وأكثرُ المفسِّرين إلى أنَّ أوَّل سورةٍ نزلت فاتحة الكتاب، كذا قال، والَّذي ذهب أكثر الأئمَّة إليه هو الأوَّل، وأمَّا الَّذي نسبه إلى الأكثر، فلم يقل به إلَّا عددٌ أقلُّ مِنَ القليل بالنِّسبة إلى مَنْ قال بالأوَّل.
          قوله: (عن الحسن قال: كتب(2) في المصحف في أوَّل الإمام: بسم الله الرحمن الرحيم، واجعلْ بين السورتين خطًّا)، وقوله: في أوَّل الإمام، أي: أمِّ الكتاب، وقوله: (خطًّا) قال الدَّاوديُّ: إن أراد خطًّا فقط بغير بسملةٍ فليس بصوابٍ لاتِّفاق الصَّحابة على كتابة البسملة بين كلِّ سورتين إلَّا براءة، وإن أراد بالإمام إمام كلِّ سورةٍ فيجعل الخطَّ مع البسملة فحسن فكان ينبغي أن يستثني براءة، وقال الكَرمانيُّ في(3) معناه: اجعل البسملة في أوَّله فقط واجعل بين كلِّ سورتين علامةً للفاصلة، وهو مذهب حمزة مِنَ القرَّاء السَّبعة.
          قلت: المنقول ذلك عن حمزة في القراءة لا في الكتابة، قال: وكأنَّ البخاريَّ أشار إلى أنَّ هذه السُّورة لمَّا كان أوَّلها مبتدأً بقوله تعالى: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} [العلق:1] أراد أن يبيِّن أنَّه لا تجب البسملة في أوَّل كلِّ سورةٍ بل مَنْ قرأ البسملة في أوَّل القرآن كفاه في امتثال هذا الأمر، نعم استنبط السُّهيليُّ مِنْ هذا الأمر ثبوت البسملة في أوَّل الفاتحة، لأنَّ هذا الأمر هو أوَّلُ شيءٍ نزل مِنَ القرآن، فأولى مواضع امتثال(4) أوَّل القرآن. انتهى مِنَ «الفتح».
          وكتب الشَّيخ قُدِّسَ سِرُّهُ في «اللَّامع» قوله: (واجعل بين السُّورتين خطًّا) فيه دلالةٌ على أنَّه سلك مسلك الحنفيَّة في كون البسملة آيةً واحدةً مِنَ القرآن أنزلت للفصل بين السُّوَر فاستغنى عنها إذا كتبت مرَّةً واحدةً ولا يُفتقر إلى كتابتها في أوَّل كلِّ سورةٍ. انتهى.
          وبسط في «هامشه» الكلام على شرح قول البخاريِّ هذا الَّذي حكاه عن الحسن، وكذا بسط الكلام فيه على المسألة الخلافيَّة الَّتي أشار إليه الشَّيخ قُدِّسَ سِرُّهُ أشدَّ البسط، فارجع إليه لو شئت.
          وذكر الحافظ هذه المسألة الخلافيَّة مبسوطًا تحت قوله: {بِاسْمِ رَبِّكَ} [العلق:1] حيث قال: استدلَّ به السُّهيليُّ على أنَّ البسملة يُؤمر بقراءتها أوَّل كلِّ سورةٍ، لكن لا يلزم مِنْ ذلك أن تكون آيةً مِنْ كلِّ سورةٍ... إلى آخر ما بسط.


[1] في (المطبوع): ((النسخة)).
[2] في (المطبوع): ((اكتب)).
[3] قوله: ((في)) ليس في (المطبوع).
[4] في (المطبوع): ((امتثاله)).