الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

{ألم نشرح}

           ░░░94▒▒▒ سورة {أَلَمْ نَشْرَحْ}
          ♫
          وفي «نسخ الشُّروح الثَّلاثة»: <سورة {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ}> قال الحافظ: كذا لأبي ذَرٍّ، وللباقين: <{أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ}> حسبُ. انتهى.
          قال العينيُّ: وهي مكِّيَّةٌ. انتهى.
          قوله: (قال ابن عُيَينة: أي: إنَّ مع ذلك العسر يسرًا آخر كقوله: {[قُلْ] هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ} [التوبة:52]) قال الحافظ: وهذا مصيرٌ مِنِ ابن عُيَينة إلى اتِّباع النُّحاة في قولهم: إنَّ النَّكرة إذا أعيدت نكرةً كانت غير الأولى، وموقع التَّشبيه أنَّه كما ثبت للمؤمنين تعدُّد الحسنى كذا ثبت لهم تعدُّد اليسر، أو أنَّه ذهب إلى أنَّ المراد بأحد اليسرين الظَّفرُ وبالآخر الثَّوابُ، فلا بدَّ للمؤمن مِنْ أحدهما. انتهى.
          وكتب الشَّيخ في «اللَّامع» تحت كقوله: ({هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا} إلى آخره [التوبة:52]) وهذا بيانٌ لِما كان الكفَّار يظنُّون بالمسلمين، وأمَّا المسلمون فلا يخلُون مِنَ الحسنيين كلتيهما الأجر والمغنم، وهذا عين المدَّعى مِنْ وصول يسرين بعسرٍ واحدٍ. انتهى.
          وفي «هامشه»: وهذا ظاهرٌ لأنَّ الكفَّار لا يظنُّون الأجر والشَّهادة حسنى، بل يعدُّون الغنيمة الحسنى فقط، وأمَّا عند المؤمنين فالأجر والشَّهادة أعلى مراتب الحسنى.
          قال الكَرمانيُّ: فإن قلت: ما وجهُ تعليله بالآية؟ قلتُ: إشعارها بأنَّ للمؤمنين حسنتين في مقابلة مشقَّتهم، وهو حسن الظَّفر وحسن الثَّواب. انتهى.
          وقد تقدَّم في كتاب الجهاد (باب: قوله تعالى: / {هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ} [التوبة:52]) وأورد فيه البخاريُّ طرفًا مِنْ حديث هِرَقل، واختلفوا في مناسبة الحديث بالباب، قال ابن المنيِّر هناك: التَّحقيق أنَّه ما ساق حديث هِرَقل إلَّا لقوله: وكذلك الرُّسل تبتلى، ثُمَّ تكون لهم العاقبة. انتهى(1).
          قال: فبذلك يتحقَّق أنَّ لهم إحدى الحسنين: إن انتصروا فلهم العاجلة والعاقبة، وإن انتصر عدوُّهم فللرُّسل العاقبة. انتهى.
          قوله: (ولن يغلب عسرٌ يسرين) قال الحافظ: روى هذا مرفوعًا موصولًا ومرسلًا، وروى(2) أيضًا موقوفًا، أمَّا المرفوع: فأخرجه ابن مَرْدويه مِنْ حديث جابرٍ بإسنادٍ ضعيفٍ، ولفظه: ((أُوحي إليَّ أنَّ مع العسر يسرًا إنَّ مع العسر يسرًا ولن يغلب عسرٌ يسرين)) وأخرج سعيد بن منصورٍ وعبد الرَّزَّاق مِنْ حديث ابن مسعودٍ قال: قال رسول الله صلعم: ((لو كان العسر في حجرٍ(3) لدخل عليه اليسير(4) حتَّى يخرجه، ولن يغلب عسرٌ يسرين)) ثُمَّ قال: ((إنَّ مع العسر يسرًا إنَّ مع العسر يسرًا)) وإسناده ضعيفٌ، وأخرجه عبد الرَّزَّاق والطَّبَريُّ مِنْ طريق الحسن عن النَّبِيِّ صلعم، وأخرجه عبد بن حُميدٍ عن ابن مسعودٍ بإسنادٍ جيِّدٍ مِنْ طريق(5) قَتادة قال: ذكر لنا أنَّ رسول الله صلعم بشَّر أصحابه بهذه الآية، فقال: ((لن يغلب عسرٌ يسرين إن شاء الله)) وأما الموقوف فأخرجه مالكٌ عن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر أنَّه كتب إلى أبي عُبيدة يقول: مهما ينزلْ بامرئٍ مِنْ شدَّةٍ يجعل الله [له] بعدها فرجًا، وإنَّه لن يغلب عسرٌ يسرين، وقال الحاكم: صحَّ ذلك عن عمر وعليٍّ، وهو في «الموطَّأ» عن عمر لكنْ مِنْ طريقٍ منقطعٍ، وأخرجه عبد بن حُميدٍ عن ابن مسعودٍ بإسنادٍ بعيدٍ(6)، وأخرجه الفرَّاء بإسناد ضعيفٍ عن ابن عبَّاسٍ. انتهى مِنَ «الفتح».
          ثُمَّ قال الحافظ في آخر هذه السُّورة: لم يذكر المصنِّف في سورة {أَلَمْ نَشْرَحْ} [الشرح:1]حديثًا مرفوعًا، ويدخل فيها حديثٌ أخرجه الطَّبَريٌّ وصحَّحه ابن حِبَّان مِنْ حديث أبي سعيدٍ رفعه: ((أتاني جبريل فقال: يقول لك ربُّك: أتدري كيف رفعتُ ذِكرك؟ قال: الله أعلم، قال: إذا ذُكرتُ ذُكرتَ معي)) وهذا أخرجه الشَّافعيُّ وسعيد بن منصورٍ وعبد الرَّزَّاق مِنْ طريق مجاهدٍ، قوله: وذكره(7) التِّرْمِذيُّ والحاكم في تفسيرها(8) قصَّة شرح صدره صلعم ليلة الإسراء، وقد مضى الكلام عليه في أوائل السِّيرة النَّبويَّة. انتهى.


[1] قوله: ((انتهى)) ليس في (المطبوع).
[2] في (المطبوع): ((وروي)).
[3] في (المطبوع): ((جحر)).
[4] في (المطبوع): ((اليسر)).
[5] في (المطبوع): ((طرق)).
[6] في (المطبوع): ((جيد)).
[7] في (المطبوع): ((وذكر)).
[8] في (المطبوع): ((تفسيرهما)).