الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

سورة الأعراف

           ░░░7▒▒▒ <سورة الأعراف>
          ♫
          هكذا في «النُّسخ: الهنديَّة والعيني والحافظ»، وليس في «نسخة القَسْطَلَّانيِّ» البسملة، قالوا: لم توجد البسملة إلَّا في رواية أبي ذَرٍّ، قال القَسْطَلَّانيُّ: هي مكِّيَّةٌ إلَّا ثمان آيات مِنْ قوله تعالى: {وَاسْأَلْهُمْ} [الأعراف:163] إلى قوله: {وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ} الآية [الأعراف:171]. انتهى.
          قال العلَّامة العينيُّ: قال أبو العبَّاس في كتابه في «مقامات التَّنزيل»: هي مكِّيَّةٌ وفيها اختلافٌ، وذكر الكلبيُّ أنَّ فيها خمس عشرة(1) آيةً مَدنيَّاتٍ مِنْ قوله: {إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ} [الأعراف:152] إلى قوله: {وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذي أُنْزِلَ مَعَهُ} [الأعراف:157]، ومِنْ قوله: {وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ} [الأعراف:163] إلى قوله: {وَدَرَسُوا مَا فِيهِ} [الأعراف:169] قال: ولم يبلغنا هذا عن غير الكلبيِّ، وفيها آيةٌ أخرى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ} الآية [الأعراف:204] ذَكر جماعةٌ أنَّها نزلت في الخُطبة يوم الجمعة، والجمعة إنَّما كانت بالمدينة. انتهى.
          قال الحافظ: اختُلف في المراد بالأعراف في قوله تعالى: {وَعَلَى الْأَعْرَافِ رِجَالٌ} [الأعراف:46] فقال: [بياض في الأصل](2) وعن أبي مِجْلَزٍ: هم ملائكةٌ وكِّلُوا بالصُّور ليميِّزوا المؤمن مِنَ الكافر، واستُشكل بأنَّ الملائكة ليسوا ذكورًا ولا إناثًا، فلا يقال لهم: رجال، وأجيب بأنَّه مثل قوله في حقِّ الجنِّ كانوا {يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ} [الجن:6] كذا ذكره القُرْطُبيُّ في «التَّذكرة» وليس بواضحٍ، لأنَّ الجنَّ يتوالدون ولا يمتنع أن يقال فيهم: الذُّكور والإناث بخلاف الملائكة). انتهى.
          قوله: (وقال ابن عبَّاسٍ: وَرِياشًا المال) قال العينيُّ: ليس في كثيرٍ مِنَ النُّسخ لفظ: (باب)، وأشار بقوله: (▬وَرِياشًا(3)↨) إلى ما في قوله تعالى: ▬قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِياشًا(4)↨ قرأ الجمهور: {وَرِيشًا} [الأعراف:26] وقرأ الحسن وابن عبَّاسٍ ومجاهدٍ وغيرهم: ▬وَرِياشًا↨ وهي قراءة النَّبيِّ صلعم رواها عنه عثمان، ثُمَّ إنَّ البخاريَّ فسَّره بالمال، وقال ابن الأعرابيِّ: الرِّيش: الأكل، والرِّياش: المال المستفاد، وقال ابن دُريدٍ: الرِّيش: الجمال، وقيل: هو اللِّباس، وقال قُطربٌ: الرِّيش والرِّياش واحدٌ مثل: حلٍّ وحلالٍ، وحرمٍ وحرامٍ، وعن ابن عبَّاسٍ: الرِّياش: اللِّباس والعيش والنَّعيم، وقال الثَّعلبيُّ: الرِّياش في كلام العرب: الأثاث وما ظهر مِنَ المتاع والثِّياب والفُرُش وغيرهما(5). انتهى.
          قوله:(الفتَّاح: القاضي) كذا وقع هنا، والفتَّاح لم يقع في هذه السُّورة، وإنَّما هو في سورة سبأٍ، وكأنَّه ذكره هنا توطئةً لتفسير قوله في هذه السُّورة: {رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ}[الأعراف:89] ولعلَّه وقع فيه تقديمٌ وتأخيرٌ مِنَ النُّسَّاخ، فقد قال أبو عُبيدة في قوله: {افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا} [الأعراف:89] أي: احكم بيننا، والفتَّاح: القاضي. انتهى كلامه.
          ومنه ينقل البخاريُّ كثيرًا. انتهى مِنَ «الفتح».
          قوله: (خِيفةً: خوفًا) وإيراد (خُفيةً) تنبيهٌ على فرقٍ بينهما. انتهى مِنَ «اللَّامع».
          قلت: ما أفاده الشَّيخ قُدِّسَ سِرُّهُ ظاهرٌ، وتوضيح المقام أنَّ الإمام البخاريَّ أشار بهاتين الكلمتين إلى الآيتين المختلفتين مِنْ سورة الأعراف، وأشار بقوله: (خِيفةً) إلى ما في آخر سورة الأعراف مِنْ قوله تعالى: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ} [الأعراف:205] وأشار بقوله: (خُفيةً) إلى ما في أوائل هذه السُّورة مِنْ قوله تعالى: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [الأعراف:55].
          قال الحافظ: قال أبو عُبيدة في قوله: {اذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً} [الأعراف:205] أي: خوفًا، وذهبت الواو لكسرة الخاء، وقال ابن جُريجٍ في قوله تعالى: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً} [الأعراف:55] أي: سرًّا، وقوله: (مِنَ الإخفاء) فيه تجوُّزٌ والمعروف في عرف أهل / الصَّرف مِنَ الخفاء، لأنَّ المزيد مشتقٌّ مِنَ الثَّلاثيِّ، ويوجَّه الَّذي هنا بأنَّه أراد انتظام الصِّفتين مِنْ معنًى واحدٍ. انتهى مِنْ «هامش اللَّامع» مختصرًا وملخَّصًا.


[1] في (المطبوع): ((عشر)).
[2] بياض في الأصل كذا ورد في الأصل والنص كما هو من فتح الباري:8/298.
[3] في (المطبوع): ((رياشًا)).
[4] في (المطبوع): ((وريشًا)).
[5] في (المطبوع): ((وغيرها)).