الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

سورة الشعراء

           ░░░26▒▒▒ سورة الشُّعراء
          وفي «نسخ الشُّروح الثَّلاثة» بزيادة: <♫> بعد السُّورة.
          قال القَسْطَلَّانيُّ: سقط لفظ: (سورة) والبسملة لغير أبي ذَرٍّ (قال مجاهدٌ) فيما وصله الفِرْيابيُّ في قوله تعالى: {تَعْبَثُونَ} مِنْ قوله: {أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ} [الشعراء:128] أي: (تبنون) وقال الضَّحَّاك ومقاتلٌ: هو الطَّريق.
          قال ابن عبَّاسٍ: كانوا يبنون بكل ريعٍ عِليًّا يعبثون فيه بمَنْ يمرُّ في الطَّريق إلى هودٍ ◙، وقيل: كانوا يبنون الأماكن المرتفعة ليُعْرَف بذلك غَناؤهم(1) فنُهوا عنه ونُسبوا إلى العبث. انتهى.
          وفي «الفتح»: وقيل: كانوا يهتدون في الأسفار بالنُّجوم، ثُمَّ اتخذوا أعلامًا في أماكن مرتفعةٍ ليهتدوا بها، وكانوا في غُنْيةٍ عنها بالنُّجوم، فاتَّخذوا البنيان عبثًا. انتهى.
          قال العينيُّ: وقال الكرمانيُّ: كانوا يبنون بُروجًا للحَمَامَات(2) يعْبَثون بها، والرِّيع: المُرْتَفِع مِنَ الأَرْض. انتهى.
          قوله: ({هَضِيمٌ} يَتَفتَّت إذا مُسَّ) أي: في قوله: {فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ} [الشعراء:147-148] و(مُسَّ) بضمِّ الميم وتشديد السِّين المهملة مبينا(3) للمفعول، وهذا قاله مجاهدٌ أيضًا، وقال ابن عبَّاسٍ: هو اللَّطيف، وقال عكرمة: اللَّيِّن، وقيل: (هضيمٌ) أي: يهضم الطَّعام وكلُّ هذا لِلَطافته. انتهى مِنَ القَسْطَلَّانيِّ.
          وكتب الشَّيخ قُدِّسَ سِرُّهُ في «اللَّامع»: (هضيمٌ: يتفتت)، يعني أنَّ إطلاق الهضيم عليه باعتبار صلاحه للتَّفتُّت والهضم لا أنَّه هضيمٌ بالفعل.
          وقوله: (اللَّيْكَة والأَيْكَة جمع أَيْكَةٍ) قُرئ بهما، واللَّيكة هي الأيكة إلَّا أنَّها خُفِّفت الهمزة، وإطلاق الجمع على المعرَّف باللَّام مِنْ حيث إنَّ اللَّام إمَّا أن تكون للعهد، والمعهود هي أشجارهم الَّتي كانوا سكنوها، و(4)اللَّام للاستغراق فكأنَّها لاجتماعها والتفافها كأنَّها هي الشَّجر لا غير. انتهى مِنَ «اللَّامع».
          وفي «هامشه»: قوله: قُرِئ بهما، وهو كذلك ففي «الجلالين» في قوله تعالى: {كَذَّبَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ} [الشعراء:176] وفي قراءةٍ بحذف الهمزة والتَّاء(5) حركتها على اللَّام وفتح الهاء. انتهى.
          وبسط علماء التَّفْسير في هذه الكلمة وإعرابها، وقال صاحب «الجُمل»: قد وقع لفظ: {الأيكة} في القرآن أربع مرَّاتٍ: في الحِجْر وفي ق وما هاهنا_أي في الشُّعراء _ وفي{ص}، والأوَّلان بأل والجرِّ لا غير، والآخران يقرآن بأل وبالجر وبالتَّصرُّف الَّذي قاله الشَّارح هاهنا مع فتح التَّاء مع أنَّ الكلَّ مجروراتٍ لإضافة لفظ (أصحاب) إليها. انتهى.
          وفي «تقرير البِنْجابيِّ»: الأَيْكة جمع أَيْكةٍ، يعني أدخل على أيكةٍ لام الاستغراق. انتهى.
          وفي «الجمل» في شرح قول الجلال: والتَّاء(6) حركتها على اللَّام وهذا الصَّنيع يقتضي أنَّ اللَّام الموجودة لام التَّعريف وحينئذٍ لا يصح قوله: وفتح الهاء، إذ الاسم المقرون بأل سواءٌ كانت معرفة أو غيرها يجرُّ بالكسرة سواءٌ وقع فيه نقلٌ أو لا، وبعضهم وجَّه فتح الهاء بأنَّ الاسم بوزن ليلةٍ فاللَّام مِنْ(7) بنية الكلمة ولا نقلَ بل حركة اللَّام أصليَّةٌ، فجرُّه بالفتحة حينئذٍ ظاهرٌ. انتهى.
          قوله: (وهي جمع(8) شجرٍ) كتب الشَّيخ: ترجمة المفرد لا الجميع، ومعنى الجميع: المجموع. انتهى.
          وفي «هامشه»: هذا غايةُ توجيهٍ لكلام البخاريِّ، وإلَّا فكلام البخاريِّ هذا منتقَدٌ عند جميع الشُّرَّاح، كما تقدَّم البسط في ذلك في مقدِّمة «اللَّامع».
          وفي «تقرير مولانا محمد حسن المكَّيِّ»: قوله: (جمع أيكةٍ) أي: جماعة أشجارٍ، فأيكة بمعنى مطلق الأشجار، والجمع بمعنى الجماعة، وقوله: (وهي) أي: الأيكة بمعناه الحقيقيِّ، وفيه تكلُّفٌ، والظَّاهر أنَّه أراد أنَّ اللَّيكة والأيكة_أي معرَّفَين بلام الاستغراق _ جمع أيكةٍ نكرة باعتبار المعنى، وإن كان هذا المعنى غير مرادٍ هاهنا، لأنَّ أصحاب الأيكة لقبٌ لهم. انتهى.
          قال القَسْطَلَّانيُّ: قوله (الإيكة(9)) بألف وصلٍ وسكون اللَّام / وبعدها همزةٌ مكسورةٌ جمع أيكةٍ، ولأبي ذَرٍّ جمع الأيكة وهي جمع شجرٍ وكان شجرهم الدَّوْم وهو المُقْلُ، قال العينيُّ: الصَّواب أنَّ اللَّيكة والأيكة جمع أيكٍ وكيف يقال: الأيكة جمع أيكةٍ؟! انتهى.
          وتقدَّم التَّوجيه مِنْ كلام الشَّيخ قُدِّسَ سِرُّهُ.


[1] في (المطبوع): ((غناهم)).
[2] في (المطبوع): ((للجمامات)).
[3] في (المطبوع): ((مبنيًّا)).
[4] في (المطبوع): ((أو)).
[5] في (المطبوع): ((وإلقاء)).
[6] في (المطبوع): ((وإلقاء)).
[7] قوله: ((من)) ليس في (المطبوع).
[8] في (المطبوع): ((جميع)).
[9] في (المطبوع): ((والإيكة)).