الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

سورة الرحمن

           ░░░55▒▒▒ <سورة الرَّحمنِ>
          كذا في «النُّسخة الهنديَّة» و«الفتح» بدون البسملة، وهي مذكورةٌ في «نسخة العينيِّ والقَسْطَلَّانيِّ»، ففي الأوَّل أوَّلًا، وفي الثَّاني أخيرًا، قال الحافظ: والأكثر عددًا(1) {الرَّحْمَنُ} [الرحمن:1] آية، وقالوا: هو خبر مبتدأٍ محذوفٍ أو مبتدأٌ محذوفُ الخبر، وقيل: تمام الآية {عَلَّمَ الْقُرْآنَ} [الرحمن:2] وهو الخبر. انتهى.
          قال(2) العلَّامة العينيُّ: قال أبو العبَّاس: أجمعوا على أنَّها مكِّيَّةٌ، إلَّا ما روى همَّام عن قتادة أنَّها مدنيَّةٌ، قال: وكيف تكون مدنيَّةً وإنَّما قرأها النَّبيُّ [صلعم] بسوق عكاظٍ فسمعتْه الجنُّ، وأوَّل شيءٍ سمعت قريشٌ مِنَ القرآن جهرًا سورة الرَّحمن، قرأها ابن مسعودٍ عند الحجر، فضربوه حتَّى أثَّروا في وجهه، وفي رواية سعيدٍ عن قتادة أنَّها مكِّيَّةٌ، وقال السَّخاويُّ: نزلت قبل: {هَلْ أَتَى} [الإنسان:1] بعد(3) سورة الرَّعد، نزلت حين قالوا: {وَمَا الرَّحْمَنُ} [الفرقان:60]. انتهى.
          [قوله:] (وقال مجاهدٌ) فيما وصله عبد بن حُميدٍ في قوله تعالى: ({بِحُسْبَانٍ} [الرحمن:5]، أي: <كحسبان الرَّحى>، ليس هذا في «النُّسخ الهنديَّة» بل هو مذكورٌ في «نسخة الهامش» أي: يدوران في مثل قُطب الرَّحى، والحسبان قد يكون مصدر حَسَبْتُهُ أَحْسُبُهُ_بالضَّمِّ_ حَسْبًا وحِسَابًا(4) وحُسْبانًا مثل الغُفران والكُفران والرُّجْحان، أو جمع حِسابٍ كشهابٍ وشُهْبانٍ، أي: يجريان في منازلهم بحسابٍ لا يغادران ذلك. انتهى مِنَ القَسْطَلَّانيِّ.
          وتقدَّم هذا القول أيضًا مع شرحه في أوَّل بدء الخلق.
          قوله: ({وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ} [الرحمن:9] يريد لسان الميزان) قال الحافظ: هذا كلام الفرَّاء بلفظه، وقد أخرج ابن أبي حاتمٍ مِنْ طريق أبي المغيرة قال: رأى ابن عبَّاسٍ رجلًا يَزِنُ قد أرجح فقال: أقمِ اللِّسان كما قال الله تعالى: {وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ} [الرحمن:9] [وأخرج ابن المنذر عن مجاهدٍ قال: {وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ} [الرحمن:9] ] قال: اللِّسان. انتهى.
          وكتب الشَّيخ قُدِّسَ سِرُّهُ في «اللَّامع» قوله: (يريد لسان الميزان) لأنَّها إذا أقيمت كان الوزن غير بخسٍ ولا زائدٍ. انتهى.
          قوله: ({الْمُنْشَآتُ} [الرحمن:24] ما رُفِع مِنْ قِلْعه مِنَ السُّفن) كتب الشَّيخ: يعني أنَّ المنشآت ما كانت قِلاعها مرفوعةً، فقوله: <مِنْ> كما في «نسخة المتن» ليس بيانًا لــ(ما) بل هي زائدةٌ. انتهى.
          وفي «هامشه»: لفظة (مِنْ) في قوله: (مِنْ قِلْعِه) موجودٌ في «النُّسخ الهنديَّة» ولا يوجد في «النُّسخ المصريَّة» مِنْ «نسخة الكرمانيِّ والفتح والعينيِّ والقَسْطَلَّانيِّ» ولم يتعرَّض لذلك أحدٌ مِنَ الشُّرَّاح، فالظَّاهر أنَّها سهوٌ مِنَ الكاتب. انتهى.
          قوله: (وقال بعضهم: ليس الرُّمَّان والنَّخل بالفاكهة...) إلى آخره، قال الحافظ: / قال شيخنا ابن الملقِّن: البعض المذكور هو أبو حنيفة، وقال الكَرْمانيُّ: قيل: أراد به أبا حنيفة، قلت: بل نقل البخاريُّ هذا الكلام مِنْ كلام الفرَّاء ملخَّصًا، ولفظه: قوله تعالى: {فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ} [الرحمن:68] قال بعض المفسِّرين: ليس الرُّمَّان ولا النَّخل مِنَ الفاكهة، قال: وقد ذهبوا في ذلك مذهبًا، قلت: فنسبه الفرَّاء لبعض المفسِّرين وأشار إلى توجيهه ثُمَّ قال: ولكنَّ العرب تجعل ذلك فاكهةً، وإنَّما ذُكرا بعد الفاكهة كقوله تعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ} إلى آخره [البقرة:238].
          والحاصل أنَّه مِنْ عطف الخاصِّ على العامِّ كما في المثالين اللَّذين ذكرهما... إلى آخر ما ذكر الحافظ مِنَ الاعتراض.
          والجواب عنه كما ذكر في «هامش اللَّامع».
          وكتب الشَّيخ قُدِّسَ سِرُّهُ في «اللَّامع» قوله: (وقال بعضهم...) إلى آخره، ولم يقل هذا البعض غير صوابٍ فإنَّ مبنى الأيمان على العرف فلم تكن الرُّمَّان والنَّخل فاكهةً عندهم فكيف يدخل فيها؟! نعم هي فاكهةٌ في عرفنا أهل الهند، ولم ينكر هذا البعض كونهما فاكهةً عند العرب(5) حتَّى يعترض عليه، وأمَّا الآية فإنَّهم لم يستدلُّوا بها حتَّى يُفتقر إلى الجواب عنها، ومع ذلك فإنَّ لهم أن يقولوا: إنَّ تخصيصهما بالذِّكر بعد التَّعميم ليس إلَّا لمزيدٍ فيهما أو منقصةٍ كما في قوله: {الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} [البقرة:238] وهو المراد. انتهى.
          وبسط في «هامشه» الكلام في تأييد كلام الشَّيخ قُدِّسَ سِرُّهُ مِنْ أقوال الفقهاء وأهل الأصول.


[1] في (المطبوع): ((عدُّوا)).
[2] في (المطبوع): ((وقال)).
[3] في (المطبوع): ((وبعد)).
[4] في (المطبوع): ((حسابًا)) بلا واو.
[5] هامش من الأصل: كذا في الأصل والصواب عند أهل الهند