الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

الزمر

           ░░░39▒▒▒ <الزُّمَر>
          هكذا في «النُّسخة الهنديَّة» بغير لفظ السُّورة، وهكذا في «نسخة القَسْطَلَّانيِّ» لكن بزيادة البسملة بعدها، وأمَّا في «نسخة الحافظين» فبزيادتهما كلتيهما، قال العلَّامة العينيُّ: قال ابن عبَّاسٍ: هي مكِّيَّةٌ، إلَّا آيتان مدنيَّتان: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ} [الزمر:53] نزلت في وحشيِّ بن حربٍ، {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} [الآية] [الأنعام:91].
          وقال السَّخاويُّ: نزلت بعد سورة سبأٍ وقبل سورة المؤمن. انتهى.
          قوله:({وَرَجُلًا سَلَمًا}...) إلى آخره_بفتح اللَّام مِنْ غير ألفٍ _ مصدرٌ وصف به، ولأبي ذَرٍّ وابن عساكر: {سالمًا} _بكسرها مع الألف_ وهي قراءة أبي عمرٍو وابن كثيرٍ اسم فاعلٍ مِنَ الثَّلاثيِّ ({لِرَجُلٍ}) أي: (صالحًا) كذا لأبي ذَرٍّ عن الحمويِّ والمستملي، وفي رواية الكُشْمِيْهَنيِّ: (خالصًا) بدل (صالحًا) ومرادُه قوله تعالى: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلًا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ} [الزمر:29] أي: متنازعون كلٌّ يدَّعي أنَّه عبده فهم يتجاذبونه حوائجهم، وهو متحيِّرٌ في أمره كلَّما أرضى أحدهم غضب الباقون، وإذا احتاج إليهم ردَّه كلُّ واحدٍ إلى الآخر فهو في عذابٍ دائمٍ، ورجلًا سالمًا لرجلٍ واحدٍ لا يملكه غيره فهو يخدمه على سبيل الإخلاص وسيِّدُه يعينه على مهمَّاته، هذا (مثل لآلهتهم الباطل والإله الحقِّ) قاله مجاهدٌ فيما وصله الفِريابيُّ. انتهى مِنَ القَسْطَلَّانيِّ.
          وكتب الشَّيخ قُدِّسَ سِرُّهُ في «اللَّامع»: وتفسير السَّالم بالصَّالح مبنيٌّ على أنَّ العبد المشترك مِنِ(1) اثنين لا يبقى صالحًا لكلٍّ مِنَ الشُّركاء، ولا يبعد أن يقال: صلاح الغلام كنايةٌ عن صلاح الموالي، فإنَّ النَّاس على دين ملوكهم، والرَّجل على سيرة صاحبه، فيؤثِّر صلاحُ الموالي في صلاح العبد، كذلك(2) عدمه في عدمه، فصار المعنى أنَّ العبد إمَّا يكون مشتركًا بين اثنين متشاكسين أو لا، فأمَّا ألَّا يكون مشتركًا أصلًا أو يكون مشتركًا بين اثنين صالحين فشِقَّا التَّرديد الآخران داخلان في قوله: {وَرَجُلًا سَلَمًا لِرَجُلٍ} [الزمر:29] يعني أن يكون صالحًا، ثُمَّ بعد ذلك تحصل له فاصلةٌ وهي كونه لواحدٍ لا مشتركًا فيه بين كثيرين. انتهى.


[1] في (المطبوع): ((بين)).
[2] في (المطبوع): ((وكذلك)).