الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

{إذا السماء انفطرت}

           ░░░82▒▒▒ <{إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ} [الانفطار:1]>
          هكذا في «النُّسخة الهنديَّة» بغير لفظ سورة والبسملة، وفي «نسخ الشُّروح الثَّلاثة» بزيادتهما، قال القَسْطَلَّانيُّ: سقط لفظ سورة والبسملة لغير أبي ذَرٍّ. انتهى.
          قال العلَّامة العينيُّ: ويقال لها أيضًا: سورة الانفطار وهي مكِّيَّةٌ. انتهى.
          قوله: (وقرأ الأعمش وعاصمٌ: {فَعَدَلَكَ}_بالتَّخفيف وقرأه أهل الحجاز بالتَّشديد) قلت: قرأ أيضًا بالتَّخفيف حمزة والكسائيُّ وسائر الكوفيِّين، وقرأ أيضًا بالتَّثقيل مَنْ عداهم مِنْ قرَّاء الأمصار.
          قوله: (وأراد معتدل الخلق...) إلى آخره، هو قول الفرَّاء بلفظه إلى قوله: (بالتَّشديد)، ثُمَّ قال: فمَنْ قرأ بالتَّخفيف فهو والله أعلم يصرِّفك في أيِّ صورةٍ شاء أمَّا حسن... إلى آخره، ومَنْ شدَّد فإنَّه أراد_والله أعلم _: جعلك معتدلًا معتدل الخَلْق، قال: وهو أجود القراءتين في العربيَّة وأحبُّهما إليَّ، وحاصل القراءتين أنَّ الَّتي بالتَّثقيل مِنَ التَّعديل والمراد: التَّناسب، وبالتَّخفيف: مِنْ العدل وهو الصَّرف إلى أي صفةٍ أراد. انتهى كلُّه مِنَ «الفتح».
          وقال العلَّامة العينيُّ: قوله: (ومَنْ خفَّف) يحتمل أن يكون عطفًا على فاعل أراد، أي: ومَنْ خفَّف أراد أيضًا معتدل الخلق، ولفظ ({فِي أَيِّ صُورَةٍ}) لا يكون متعلِّقًا به بل هو كلامٌ مستأنفٌ تفسيرٌ لقوله تعالى: {فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ} [الانفطار:8] والباقي ظاهرٌ. انتهى.
          قلت: وعلى ما أفاده العينيُّ يلزم أن يكون معنى القراءتين واحدًا مِنْ غير فرقٍ بينهما، أعني: اعتدال الخلق، وقد عرفتَ مِنْ كلام الحافظ الفرق بين المعنيين، وكذا ما قال العينيُّ إنَّ قوله: ({فِي أَيِّ صُورَةٍ} [الانفطار:8]) لا يكون متعلِّقًا به... إلى آخره، ليس كذلك كم(1) عرفت في كلام الحافظ، فإنَّه(2) نقل عبارة الأصل المنقول عنه الَّذي هو مأخذ كلام البخاريِّ، والله أعلم.
          وفي «هامش اللَّامع» عن «حاشية الجمل»: قرأ الكوفيُّون: {فعَدَلَكَ}_مخفَّفًا_ والباقون مثقَّلًا، فالتَّثقيل بمعنى: جعلك متناسب الأعضاء، فلم يجعلْ إحدى يديك أو رجليك أطول ولا إحدى عينيك أوسع فهو مِنَ التَّعديل، وقراءة التَّخفيف يحتمل هذا، أي: عدل بعض أعضائك ببعضٍ، ويحتمل أن يكون مِنَ العُدول، أي: حرفَك إلى ما شاء مِنَ الهيئات والأشكال والأشباه. انتهى.
          والمذكور هاهنا في البخاريِّ على ما أفاده الحافظ هو الاحتمال الثَّاني المذكور في عبارة «الجمل» كما لا يخفى، واختار العينيُّ الاحتمال الأوَّل، لكن لا يساعده سياقُ البخاريِّ، ثُمَّ قال الحافظ: لم يورد المصنِّف فيها حديثًا مرفوعًا، ويدخل فيها حديث ابن عمر المنبَّه عليه في الَّتي قبله. انتهى.


[1] في (المطبوع): ((كما)).
[2] في (المطبوع): ((فإن)).