الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

{والذاريات}

           ░░░51▒▒▒ <{وَالذَّارِيَاتِ}>
          كذا في «الهنديَّة» والقَسْطَلَّانيِّ، وفي «نسخة الفتح والعينيِّ» بزيادة لفظ السُّورة والبسملة بعدها، قال العينيُّ: وهي مكِّيَّةٌ كلُّها، قاله مقاتلٌ وغيره، وقال السَّخاويُّ: نزلت بعد سورة الأحقاف وقبل سورة الغاشية. انتهى.
          قال الحافظ: وَالْوَاوُ لِلْقَسَمِ وَالْفَاءَاتُ بَعْدَهَا عَاطِفَاتٌ مِنْ عَطْفِ الْمُتَغَايِرَاتِ وَهُوَ الظَّاهِرُ، وَجَوَّزَ الزَّمَخْشَريُّ أَنَّهَا مِنْ عَطْفِ الصِّفَاتِ وَأَنَّ الْحَامِلَاتِ وَمَا بَعْدَهَا مِنْ صِفَاتِ الرِّيحِ. انتهى.
          قوله: ({إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات:56] وما(1) خلقت أهل السَّعادة...) إلى آخره، قال العلَّامة العينيُّ: فَإِن قلت: مَا الْفرق بَين هذَيْن التَّأْويلَيْنِ؟ قلت: الأوَّل: لفظٌ عَامٌّ أُرِيد بِهِ الْخُصُوص، وَهُوَ أَنَّ المُرَاد أهل السَّعَادَة مِنَ الْفَرِيقَيْنِ، وَالثَّاني: على عُمُومه بِمَعْنى خلقهمْ معَدِّين لذَلِك، لَكِنَّ مِنْهُم مَنْ أطَاع وَمِنْهُم مَنْ عصى، وَمعنى الْآيَة فِي الْجُمْلَة أَنَّ الله تَعَالَى لم يخلقهم لِلْعِبَادَةِ خلق جِبلَّةٍ وَاخْتِيَارٍ، وَإِنَّمَا خلقهمْ لَهَا خلق تَكْلِيفٍ واختبارٍ، فَمَنْ وَفَّقه وسدَّده أَقَامَ الْعِبَادَة الَّتي خُلق لَهَا، وَمَنْ خذله وطرده حُرمهَا وَعمل بِمَا خلق لَهُ كَقَوْلِه صلعم: ((اعْمَلُوا فَكلٌّ ميسَّرٌ لِما خلق لَهُ)) وَفِي نفس الْأَمر هَذَا سرٌّ لَا يطَّلع عَلَيْهِ غيرُ الله تَعَالَى، وَقَالَ: {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وهُمْ يُسْأَلُون} [الْأَنْبِيَاء:32]. انتهى.
          وكتب الشَّيخ قُدِّسَ سِرُّهُ في «اللَّامع»: والفرق بين التَّأويلين أنَّ المراد بالجنِّ والإنس في التَّوجيه الأوَّل صلحاؤهما فقط، وفي الثَّاني: أعمُّ منهم غير أنَّ الطُّلحاء لم يأتوا ما أريد منهم، وهو حاصل ما تقدَّم مِنْ كلام العلَّامة العينيِّ وهو مؤدَّى كلام الحافظ.
          وكتب الشَّيخ أيضًا قوله: (وَلَيْسَ فِيهِ حُجَّةٌ لأَهْلِ الْقَدَرِ) القائلين بوقوع الشَّرِّ مِنْ غير إرادته تعالى وأنَّ الشَّرَّ غير مخلوقٍ له، وعدم حجِّيَّته لهم ظاهرٌ فإنَّ عدم كونه مرادًا لا يقتضي أنَّه ليس مخلوقًا له. انتهى.
          ذكر الحافظ في آخر(2) هذه السُّورة: تنبيه: لَمْ يَذْكُرِ الْبُخَارِيُّ فِي هَذِهِ السُّورَةِ حَدِيثًا مَرْفُوعًا وَيَدْخُلُ فِيهَا عَلَى شَرْطِهِ حَدِيثٌ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذيُّ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ ☺ قَالَ: ((أَقْرَأَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلعم أَنِّي أَنَا الرَّزَّاق ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ)) قَالَ التِّرْمِذيُّ: حَسَنٌ صَحِيحٌ وَصَححهُ ابن حِبَّان. انتهى. /


[1] في (المطبوع): ((ما)).
[2] في (المطبوع): ((آخره)).