الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب: لا يذاب شحم الميتة ولا يباع ودكه

          ░103▒ (باب: لا يُذَاب شَحْم الميتة ولا يُبَاع [وَدَكُه]...)
          قالَ العلَّامةُ العَينيُّ: قوله: (وَدَكه) بفتح الواو والدَّال، وفي «المغرب»: الوَدَك مِنَ اللَّحم والشَّحم: ما يتحلَّب منه، وقول الفقهاء: وَدَك الميتة مِنْ ذلك، وقال ابن الأثير: الوَدَك: وهو دسم اللَّحم ودهنُه الَّذِي يُستخرج منه. انتهى.
          وفي «الفيض»: الشَّحم ما كان منفصلًا عن اللَّحم، وما كان داخلًا في اللَّحم فهو وَدَك. انتهى.
          وقال الحافظ تحت حديث الباب: ووجه تشبيه عمر بيع المسلمين الخمر ببيع اليهود المذاب مِنَ الشَّحم الاشتراكُ في النَّهي عن تناول كلٍّ منهما، لكن ليس كلُّ ما حرم تناولُه حرم بيعه، كالحُمر الأهليَّة وسباع الطَّير، فالظَّاهر أنَّ اشتراكهما في كون كلٍّ منهما صار بالنَّهي عن تناوله نجسًا، هكذا حكاه ابن بطَّالٍ عن الطَّبَريِّ وأقرَّه، وليس بواضح بل كلُّ ما حرم تناولُه حرم بيعُه، وتناول الحُمر والسِّباع وغيرهما ممَّا حرم أكلُه إنَّما يتأتَّى بعد ذبحه، وهو بالذَّبح يصير ميتة لأنَّه لا ذكاة له، وإذا صار ميتة صار نجسًا ولم يجزْ بيعه، فالإيراد في الأصل غير وارد، هذا قول الجمهور وإن خالف في بعضه بعضُ النَّاس(1). انتهى.
          وقال القَسْطَلَّانيُّ: يعني: فبيع فلان الخمر مثل بيع اليهود الشَّحم المذاب(2)، وكلُّ ما حرم تناولُه حرم بيعُه، نعم المذاب للاستصباح ليس بحرام، / لأنَّ الدُّعاء عليهم إنَّما هو مرتَّب على المجموع. انتهى.
          وفي «الدُّرِّ المختار»: ولا يضرُّ أثر دهن إلَّا وَدَك دهن(3) ميتة لأنَّه عين النَّجاسة، حتَّى لا يدبغ به جلد بل يُستصبح به في غير مسجد.
          قال ابن عابدين: ظاهر ما سيأتي في (باب: البيع الفاسد) أنَّه لا يحلُّ الانتفاع به أصلًا، وإنَّما هذا في الدُّهن المتنجِّس يؤيِّده ما في «صحيح البخاريِّ» عن جابر مرفوعًا: (إنَّ اللَّهَ حَرَّمَ بَيْعَ الْخَمْرِ، وَالميتةِ)... الحديث بطوله(4). انتهى.
          قلت: وسيأتي هذا الحديث في (باب: بيع الميتة والأصنام).


[1] فتح الباري:4/415
[2] في (المطبوع): ((بيع اليهود والشحم المذاهب)).
[3] في (المطبوع): ((دهن ودك)).
[4] حاشية ابن عابدين:1/331