الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب بيع الطعام قبل أن يقبض وبيع ما ليس عندك

          ░55▒ (باب: بَيْع الطَّعَام قبل أن يُقْبَض...) إلى آخره
          قال الحافظ: لم يذكر في حديثي الباب بيع ما ليس عندك وكأنَّه لم يثبت على شرطه فاستنبطه مِنَ النَّهي عن البيع قبل القبض، ووجه الاستدلال منه بطريق الأَولى، وحديث النَّهي عن بيع ما ليس عندك أخرجه أصحاب «السُّنن» مِنْ حديث حَكيم بن حِزام بلفظ: ((قلت: يا رسول الله! يأتيني الرَّجل فيسألني البيع ليس عندي، أبيعُه منه ثمَّ أبتاعه له مِنَ السُّوق؟ فقال: لَاْ تَبِعْ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ)). انتهى.
          وفي «البذل»: قالَ الخطَّابيُّ: أجمعوا على أنَّه لا يجوز بيع الطَّعام قبل القبض، وقال مالك: يجوز غيره، قال الحنفيَّة: يجوز بيع العقار، وقالَ الشَّافعيُّ: كلُّ شيء مثلُ الطَّعام لا يجوز شيء منه، وقال أحمد: لا يجوز المَكيل والموزون، ويجوز غيرهما. انتهى.
          وهكذا ذكر العلَّامة القَسْطَلَّانِيُّ(1).
          وفي «الفيض»: واعلم أنَّ الاختلاف المذكور إنَّما هو في البيع خاصَّة، لا في سائر التَّصرُّفات لأنَّهم جوَّزوا الهبة والتَّصدُّق قبل القبض كما في «النِّهاية» و«البحر» عن محمَّد، ولذا ترى أرباب المتون لم يضعوا المسألة إلَّا في البيع، ففي «الهداية»: مَنِ اشترى شيئًا ممَّا يُنقَل ويحوَّل لم يجز له بيعُه حتَّى يقبضه، ويجوز بيع العقار قبل القبض عند أبي حنيفة وأبي يوسف، وقال محمَّد: لا يجوز. انتهى.


[1] أنظر إرشاد الساري:4/58