الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب: الحلال بين والحرام بين وبينهما مشبهات

          ░2▒ (باب: الحلال بيِّن والحرام بيِّن...) إلى آخره
          قال الحافظ: ذكر فيه حديث النُّعمان بن بشير بلفظ التَّرجمة وزيادة، ثمَّ قال بعد الكلام على شرح الحديث: وقد توارد أكثر الأئمَّة المخرجين له على إيراده في كتاب البيوع لأنَّ الشُّبهة في المعاملات تقع فيها كثيرًا، وله تعلُّق أيضًا بالنِّكاح وبالصَّيد والذَّبائح والأطعمة والأشربة وغير ذلك ممَّا لا يخفى(1). انتهى.
          ويشكل على حديث الباب ما أخرجه أبو داود عن ابن عبَّاس، وفيه: ((فما أحلَّ فهو حلال، وما حرَّم فهو حرام، وما سكت عنه فهو عفْوٌ)) فإنَّ المرتبة الثَّالثة وهي الَّتِي بين الحلال والحرام ممَّا يستبرأ عنه في رواية البخاريِّ، ومعفوٌّ عنه في رواية أبي داود.
          ويمكن الجمع بينهما بوجهين:
          الأوَّل: أن يقال: إنَّ ما في البخاريِّ مَرْتبةُ الوَرَع، وما في أبي داود مرتبة الجواز.
          والثَّاني _وهو الأوجه_ أن يقال: إنَّ ما بين الحلال والحرام نوعان:
          الأوَّل: المشتبِه وهو ما تعارض فيه الأدلَّة، وحكمه الاستبراء، وهو محمل رواية البخاريِّ.
          والنوع الثَّاني: المسكوت عنه، وهو مصداق رواية أبي داود، وحكمه الإباحة، فقد قال ابن عابدين: قال أكثر أصحابنا وأكثر أصحاب الشَّافعيِّ: إنَّ الأشياء الَّتِي يجوز أن يَرِد / الشَّرع بإباحتها وحُرْمتها قَبْل وروده على الإباحة، وهي الأصل فيها. انتهى مِنْ «هامش اللَّامع».


[1] فتح الباري:4/290-291 مختصرا