الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب بيع الشريك من شريكه

          ░96▒ (باب: بيع الشَّرِيك مِنْ شَرِيكه)
          قال ابن بطَّالٍ: هو جائز في كلِّ شيء مُشاع، وهو كبيعه مِنَ الأجنبيِّ، فإن باعه مِنَ الأجنبيِّ فللشَّريك الشُّفعة، وإن باعه مِنَ الشَّريك ارتفعَت الشُّفعةُ، وذكر فيه حديث جابر في الشُّفعة، وحاصل كلام ابن بطَّالٍ مناسبة الحديث للتَّرجمة، وقال غيره: معنى التَّرجمة حكم بيع الشَّريك مِنْ شريكه، والمراد منه حضُّ الشَّريك ألَّا يبيع ما فيه الشُّفعة إلَّا مِنْ شريكه لأنَّه إن باعه لغيره كان للشَّريك أخذُه بالشُّفعة قهرًا، وقيل: وجه المناسبة أنَّ الدَّار إذا كانت بين ثلاثة فباع أحدهم للآخر كان للثَّالث أن يأخذ بالشُّفعة ولو كان المشتري شريكًا، وقيل: ينبني على الخلاف: هل الأخذ بالشُّفعة أخذٌ مِنَ المشتري أو البائع؟ فإن كان مِنَ المشتري فيكون شريكًا، وإن كان مِنَ البائع فهو شريكُ شريكِه، وقيل: مراده أنَّ الشَّفيع إن كان له الأخذ قهرًا فللبائع إذا كان شريكَه أن يبيع له ذلك بطريق الاختيار بل أَولى. انتهى.
          قلت: وما قال الحافظ مِنْ مسألة الدَّار بين الثَّلاثة خلافيَّة بسطت في «المغني». وذكر في «هامش اللَّامع»: وفيه قال القَسْطَلَّانيُّ: قال ابن المنيِّر: أدخل في هذا الباب حديث الشُّفعة لأنَّ الشَّريك يأخذ الشِّقْص مِنَ المشتري قهرًا بالثَّمن، فأخذُه له مِنْ شريكه مبايعةً جائزٌ قطعًا. انتهى.
          وقالَ العَينيُّ: مطابقة الحديث للتَّرجمة مِنْ حيثُ إنَّ الشُّفعة لا تقوم إلَّا بالشَّفيع، وهو إذا أخذ الدَّار المشتركة بينه وبين رَجل حين باع ما يخصُّه بالشُّفعة، فكأنَّه اشتراه مِنْ شريكه، فصدق عليه أنَّه بيع الشَّريك مِنَ الشَّريك. انتهى.
          قلت: والأَوجَهُ عندي مِنْ هذه الوجوه ما ذكره الحافظ مِنْ أنَّ غرض التَّرجمة الحضُّ على بيع الشَّريك مِنْ شريكه لأنَّه إذا كان للشَّريك أن يأخذ قهرًا فأَولى أن يأخذه رِضًا ليكون أطيب لقلبه. انتهى مِنْ «هامش اللَّامع».
          وفي «الفيض» تحت الباب: وهذا البيع جائز عندنا، ولا يضرُّه الشُّيوع بخلاف هبة المُشاع. انتهى.