الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب ما يكره من الخداع في البيع

          ░48▒ (باب: ما يُكْرَه مِنَ الخِداع في البيع)
          قال الحافظ: كأنَّه أشار بهذه التَّرجمة إلى أنَّ الخداع في البيع مكروه ولكنَّه لا يفسخ البيع، إلَّا إن شرط المشتري الخيار على ما تُشعِر به القصَّة المشهورة في الحديث(1). انتهى.
          قلت: لكنَّ الخداع حرام منهيٌّ عنه، والمصنِّف أبطل بيع النَّجش كما سيأتي لكونه حرامًا ومنهيًّا عنه.
          قالَ العَينيُّ تحت ذكر ما يُستفاد مِنَ الحديثِ: مذهب الحنفيَّة والشَّافعيَّة على أنَّ الغَبْن غير لازم فلا خيار للمغبون سواء قل الغَبن أو كثر، وهو الأصحُّ مِنْ روايتي مالك، وقال البغداديُّون مِنْ أصحابه: للمغبون الخيار بشرط أن يبلغ الغَبن ثلث القيمة، وإن كان دونه فلا، وقيل: السُّدس، وعن داود: العقد باطل، وعن مالك: إن كانا عارفين بتلك السِّلعة وسعرها وقت البيع لم يُفْسَخ البيع كثيرًا كان الغَبن أو قليلًا، فإن كان أحدهما غير عارف بذلك فُسخ البيع إلَّا أن يريد أن يمضيه، ولم يحدَّ مالكٌ حَدًّا وأثبت هؤلاء خيار الغَبْن بالحديث المذكور. انتهى.
          وقال القَسْطَلَّانيُّ: قوله: (إِذَا بَايَعْتَ فَقُلْ لَا خِلاَبَةَ) واستدلَّ به أحمد لأنَّه يردُّ بالغَبن الفاحش لمن لم يعرف قيمة السِّلعة، وحدَّه بعض الحنابلة بثلث القيمة، وقيل: بسدسها، وأجاب الشَّافعيَّة والحنفيَّة والجمهور بأنَّها واقعةُ عينٍ وحكاية حال، فلا يصحُّ دعوى العموم فيها عند أحد. انتهى.
          وذكر في «الأوجز» هاهنا عدَّة أبحاث فقهيَّة، فارجع إليه.


[1] فتح الباري:4/337