الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب من أنظر موسرا

          ░17▒ (باب: مَنْ أنظر موسرًا)
          قال الحافظ: أي: فَضْل مَنْ فعل ذلك وحُكْمه، وقد اختلف العلماء في حدِّ الموسر فقيل: مَنْ عنده مُؤْنته ومُؤْنة مَنْ تلزمه نفقته، وقالَ الثَّوريُّ وأحمد وإسحاق: مَنْ عنده خمسون درهمًا أو قيمتها مِنَ الذَّهب فهو موسر، وقالَ الشَّافعيُّ: قد يكون الشَّخص بالدِّرهم غنيًّا مع كسبه، وقد يكون بالألف فقيرًا مع ضعفه في نفسه وكثرة عياله، وقيل: الموسر والمعسر يرجعان إلى العُرف؟ فمن كان حاله بالنِّسبة إلى مثله يعدُّ يسارًا فهو موسر وعكسه، وهذا هو المعتمد، وما قبله إنَّما هو في حدِّ [مَنْ] تجوز له المسألة، والأخذ مِنَ الصَّدقة. انتهى.
          وكتبَ الشَّيخ في «اللَّامع»: والظَّاهر أنَّ المراد بالموسر هاهنا القادر على أداء ما عليه مِنَ الدَّين، وإنظاره أن يداينه حتَّى يأتي بالثَّمن مِنْ بيته، والتَّجاوز عنه أن يقبل منه رديئه وزيفه، وإنظار المعسر إمهالُه حتَّى يفتح الله عليه بشيء، والتَّجاوز عنه أن يعفى(1) عنه الثَّمن ويبرأ عنه. انتهى.
          قلت: وهذا الَّذِي أفاده الشَّيخ قُدِّس سرُّه أوجَهُ عندي ممَّا قاله الحافظ وغيره، ولا يبعد عند هذا العبد الضَّعيف أنَّ الإمام البخاريَّ نبَّه بالتَّرجمة على أنَّ في إنظار الموسر أيضًا أجرًا دفعًا لِما يتوهَّم أنَّ تأخير الموسر في الأداء داخل في مطل الغنيِّ، وهو ظلم، فإنظاره إعانة على ظلمه فكيف الأجر عليه؟! /


[1] في (المطبوع): ((يعفِي)).