الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب تفسير المشبهات

          ░3▒ (باب: تفْسِير المُشَبَّهَات)
          قال الحافظ: لمَّا تقدَّم في حديث النعمان: (إنَّ الشُّبهات لا يعلمها كثير مِنَ النَّاس) واقتضى ذلك أنَّ بعض النَّاس يعلمها، أراد المصنِّف أن يُعَرِّف الطَّريق إلى معرفتها لتُجتنب، فذكر أوَّلًا ما يضبطها، ثمَّ أورد أحاديث يُؤخذ منها مراتب ما يجب اجتنابه منها، ثمَّ ثنَّى بباب فيه بيان ما يُستحبُّ منها، ثمَّ ثلَّث بباب فيه بيان ما يُكره(1)، ثمَّ ذكر الحافظ شرح المشبَّهات.
          وبسط الكلام عليه الشَّيخ قُدِّس سرُّه في «اللَّامع» فأجاد، فارجع إليه لو شئت.
          وقالَ الموفَّق: المشكوك فيه على ثلاثة أضرب: ما أصله الحظر كالذَّبيحة في بلد فيها مجوس ومُسْلم، فلا يجوز شراؤها، والأصل فيه حديث عديٍّ بن حاتم في الكلاب، والثَّاني: ما أصله الإباحة كالماء يجده متغيِّرًا لا يعلم بنجاسته، والأصل فيه حديث عبد الله بن زيد: ((شكا الرَّجل يخيَّل إليه في الصَّلاة)).
          والثَّالث: ما لا يعرف له أصل كرَجل في ماله حلال وحرام، فهذا هو الشُّبهة الَّتِي أَولى تركُها عملًا بما رُوي عنه ╕ أنَّه وجد تمرة ساقطة، إلى آخر ما قال.
          ثمَّ في الحديث الأوَّل شهادة المرضعة الواحدة، والمسألة خلافيَّة شهيرة، وهي كافية عند الإمام أحمد، ولا تقبل فيها إلَّا شهادة امرأتين عند مالك، وعند الشَّافعيِّ لا تقبل إلَّا شهادة أربع نسوة، وأمَّا عند الإمام أبي حنيفة فلا تقبل شهادتهن منفردات على الرَّضاع، بل لا بدَّ لها مِنْ رَجل وامرأتين، وعلى هذا فحديث الإرضاع مبنيٌّ على الورع عند الأئمَّة الثَّلاثة بخلاف الإمام أحمد، فإنَّ حرمة الرَّضاع ثبتت عنده بهذا الحديث.


[1] فتح الباري:4/292