الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب استقبال الرجل صاحبه أو غيره في صلاته وهو يصلي

          ░102▒ (بَابُ اسْتِقْبَالِ الرَّجُلِ الرَّجُلَ): أي:بيان استقبال (وَهُوَ يُصَلِّي): وفي هامش (الفرع):(باب استقبال الرجل وهو يصلي)، وعلى الأولى: هو من إضافة المصدر إلى فاعله، و(الرجلَ): مفعوله، وعلى الثانية: إلى المفعول أو الفاعل، وعليهما: فجملة: (وهو يصلي): حال من الفاعل المذكور أو المحذوف لا من المفعول فيهما.
          وقال الكرماني: لفظ (هو): يحتمل عوده إلى (الرجل): الثاني فيكون الرجلان متواجهين، وإلى الأول فلا يلزم التواجه وذلك يتصور في الصلاة عند الكعبة، وللأربعة زيادة: <هل يكره أم لا؟ أو يفرق بين ما إذا ألهاه>.
          وفي نسخة الصغاني: (استقبال الرجل صاحبه أو غيره في صلاته وهو يصلي)، وكذا في أصل الفرع واليونينية.
          قال في ((الفتح)): وإلى التفصيل بين ما إذا ألهاه وعدمه جنح المصنف، وجمع بين ما ظاهره الاختلاف ممن الأثرين الذين ذكرهما عن عثمان وزيد.
          فقال: (وَكَرِهَ عُثْمَانُ): أي: ابن عفَّان _بالتشديد_ والتخفيف في (كره) (أَنْ يُسْتَقْبَلَ): بالبناء للمفعول (الرَّجُلُ وَهُوَ يُصَلِّي): حال من (الرجل)، فيكون المستقبَل _بالفتح_ أيضاً يصلي ولو قرىء: يَستقبِل _بالبناء للفاعل_ والمفعول محذوف؛ أي: شخصاً آخر والجملة: حال منه لجاز، فافهم.
          وقوله: (وَإِنَّمَا هَذَا..إلخ):من كلام البخاري ولأبوي ذر والوقت والأصيلي: <وهذا>: أي: الذي كرهه عثمان ☺ (إِذَا اشْتَغَلَ): أي: المستقبل المصلي (بِهِ): أي: بالمصلي الآخر عن الخشوع وحضور القلب (فَأَمَّا إِذَا لَمْ يَشْتَغِل بِهِ): أي: فلا بأس، فالجواب محذوف مدلول عليه بقوله: (فَقَدْ قَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ): من كتبة الوحي لرسول الله (مَا بَالَيْتُ): أي: بالاستقبال المذكور، وجملة: (إِنَّ الرَّجُلَ لَا يَقْطَعُ صَلَاةَ الرَّجُلِ): بكسر الهمزة، تعليل لعدم المبالاة. والحاصل: أن مذهب البخاري: أنه لا يكره الاستقبال إلا إذا اشتغل المصلي به، هكذا نقل ابن الملقن وغيره عن أبي نعيم في كتاب (الصلاة) له بإسناده: أن عمر ضرب رجلين: أحدهما: مستقبل والآخر: يصلي.
          قال في ((الفتح)): وأثر عثمان لم أره إلى الآن وإنما في (مصنف عبد الرزاق وابن أبي شيبة) وغيرهما من طريق هلال بن يساف عن عمر: أنه زجر عن ذلك، وفيهما أيضاً عن عثمان ما يدل على عدم كراهية ذلك، فليتأمل لاحتمال أن ما هنا تصحيف من عمر إلى عثمان.
          واعترضه العيني: بأنه لا يلزم من عدم رؤيته عن عثمان أن لا يكون منقولاً عنه وما نقل عنه مما يخالف ما هنا فهو قول آخر له لقيام الدليل عنده، فليتأمل.
          وأقول: لو اعترض قوله: لاحتمال أن ما هنا تصحيف، لكان أقوى، فليتدبر.