الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب التيمن في دخول المسجد وغيره

          ░47▒ (بَابُ التَّيَمُّنِ): مصدر تيمن بالتشديد: بدأ بيمينه؛ أي: باب بيان حكم البداءة باليمين (فِي دُخُولِ المَسْجِدِ وَغَيْرِهِ): فإن كان شريفاً فالمندوب البداءة فيه باليمين، وإن كان بخلافه فاليسار، ويكره العكس فيهما تنزيهاً، فقوله: (وغيرِهِ): بالجر، عطف على (دخول) لا على (المسجد)، ولا على (التيمن)، قاله الكرماني ومن تبعه.
          وقال العيني: لم لا يجوز أن يكون عطفاً على (المسجد): أي: وغير المسجد، مثل: البيت والمنزل، وأقول: بل هو أولى لإفادته حكم دخول غيره، والحديث والأثر يدلان عليه، وأما الكلام في المساجد إذا عطف على (دخول المسجد) كان شاملاً لحكم غيره من الخروج منه ومن الدخول في غيره، مع أن الخروج منه حكمه أن يكون باليسرى، لا لأنه يتعين فيه.
          ومثله قول ((الفتح)): ويجوز أن يعطف على (المسجد) لكن الأول أفيد _أي: لعمومه_
          لكنه يشمل ما ليس بمراد كما مر، وأما منع عطفه على (التيمن)، فلأنه لو عطف عليه لأوهم أن غير التيمن في دخول المسجد مطلوب وليس كذلك، لكن يقال عليه: إن هذا الوهم يدفعه فعل ابن عمر المذكور في الأثر، وكذا النظر في المعنى في الحديث، فالحق: جواز عطفه على كل واحد منهما، ويختلف عليهما مرجع ضمير: (وغيره)، فافهم
          (وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ): أي: ابن الخطاب إذا جاء إلى المسجد (يَبْدَأُ بِرِجْلِهِ اليُمْنَى): أي: في الدخول إليه لمقابلته بـ(خرج) في قوله: (فَإِذَا خَرَجَ): أي: منه (بَدَأَ بِرِجْلِهِ اليُسْرَى): قال في ((الفتح)): لم أره موصولاً عن ابن عمر؛ لكن في ((المستدرك)) للحاكم عن أنس أنه كان يقول: من السنة إذا دخلت المسجد أن تبدأ برجلك اليمنى، وإذا خرجت أن تبدأ برجلك اليسرى، وقول الصحابي: من السنة، محمول على الرفع على الصحيح، لكن لما لم يكن حديث أنس على شرط المصنف أشار إليه بأثر ابن عمر ☻