الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب فضل استقبال القبلة

          ░28▒ (بَابُ فَضْلِ اسْتِقْبَالِ القِبْلَةِ): أي: على غيرها. هذا شروع في بيان استقبال القبلة بعد ذكر ستر العورة؛ لأن الذي يريد الشروع في الصلاة يحتاج أولاً إلى الستر، ثم يستقبل القبلة، وذكر معها ما يتبعها من أحكام المساجد (يَسْتَقْبِلُ): أي: المصلي (بِأَطْرَافِ رِجْلَيْهِ): ومفعول (يستقبل): مقدر بقولك: القبلة، كما ثبت لأبي ذر من رواية الكشميهني: <يستقبل القبلة بأطراف رجليه>: أي: برؤوس أصابعها
          (قَالَه): سقط ضمير:(قاله) من الفرع (أَبُو حُمَيْدٍ): مصغراً (عَنِ النَّبِيِّ صلعم): وصله البخاري في صفة الصلاة بأطول مما هنا، وأبو حميد: هو عبد الرحمن بن سعد الساعدي الأنصاري، وقيل: اسمه المُنْذِر _بضم الميم وسكون / النون وكسر الذال المعجمة_ غلب عليه كنيته.
          قال في ((الفتح)): وأراد بذكره هنا بيان مشروعية الاستقبال بجميع ما يمكن من الأعضاء.
          وتعقبه العيني: بأن الترجمة في فضل الاستقبال لا في مشروعيته على ما لا يخفى. ووجه مطابقة هذه القطعة للترجمة: بأنه إذا عرف فرض الاستقبال، وعرف فضله، عرفت المطابقة، أما فرضه: فهو توجه المصلي بكليته، وأما فضلة: كاستقباله بجميع ما يمكن بأعضائه حتى بأطراف أصابع رجليه في التشهد، وبوب عليه النسائي فقال: الاستقبال بأطراف أصابع القدم للقبلة عند القعود للتشهد، ثم روى حديث ابن عمر قال: من سنة الصلاة أن ينصب القدم اليمنى، واستقباله بأصابعها القبلة، والجلوس على اليسرى. انتهى.
          وأقول: لينظر الفرق بين ما جعله فرضاً، وما جعله فضلاً، مع أن قول بعضهم يصدق بما قاله من الفرض والفضل، فتأمله.