الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب في كم تصلي المرأة في الثياب

          ░13▒ (بَابٌ): بالتنوين (فِي كَمْ تُصَلِّي المَرْأَةُ من الثِّيَابِ): ولغير الأربعة: <في>: بدل (من) و(كم): استفهامية، ولها _كالخبرية_ صدر الكلام، ولا يضر في ذلك تأخرها عن الجار؛ لأنه مع مجروره ككلمة واحدة، وميزها محذوف، تقديره: كم ثوباً، ولعل المراد منها: الجنس الصادق بالواحد لقوله:
          (وَقَالَ عِكْرِمَةُ): أي: مولى ابن عباس (لَوْ وَارَتْ): أي: المرأة المستفاد من المقام (جَسَدَهَا فِي ثَوْبٍ): أي: واحد (لأَجَزْتُهُ): كذا للكشميهني، ولغيره: <جاز>، وهو بفتح اللام المؤكدة والجيم وسكون الزاي؛ أي: لأمضيته؛ أي: الفعل.
          وهذا التعليق وصله عبد الرزاق بلفظ: لو أخذت المرأة ثوباً فتقنعت به حتى لا يرى من شعرها شيء أجزأ عنها.
          ولذا قال ابن المنذر كما في ((الفتح)) بعد أن حكى عن الجمهور: أن الواجب على المرأة أن تصلي في درع وخمار، المراد بذلك: تغطية بدنها ورأسها، فلو كان الثوب واسعاً فغطت رأسها بفضله جاز، قال: وما رويناه عن عطاء أنه قال: تصلي في درع وخمار وإزار، وعن ابن سيرين مثله وزاد: وملحفة، فإني أظنه محمولاً على الاستحباب.
          وقال العيني: روي عن مجاهد: لا تصلي المرأة في أقل من أربعة أثواب، / وعن الحكم: في درع وخمار، وعن حماد: درع وملحفة تغطي رأسها. انتهى.
          وأقول: فهو أيضاً على الاستحباب، ويحتمل أنهم يرون الوجوب، فلما كانت هذه الآثار محتملة للوجوب، والاستحباب لم يحزم المصنف في الترجمة بشيء.
          وقال ابن بطال: اختلفوا في عدد ما تصلي فيه المرأة من الثياب، فقال مالك وأبو حنيفة والشافعي: في درع وخمار، وقال عطاء: في ثلاثة: درع، وإزار، وخمار، وقال ابن سيرين: في أربعة: الثلاثة المذكورة، وملحفة. انتهى.
          وأقول: هو محمول عند الشافعية على الأكمل فقد قال في (المنحة): وفي الحديث: جواز صلاة المرأة في ثوب واحد وهو مذهب الشافعي إذا غطت به جميع بدنها سوى الوجه والكفين. انتهى.