-
المقدمة
-
كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
-
كتاب الإيمان
-
كتاب العلم
-
كتاب الوضوء
-
كتاب الغسل
-
كتاب الحيض
-
كتاب التيمم
-
كتاب الصلاة
-
أبواب سترة المصلي
-
كتاب مواقيت الصلاة
-
كتاب الأذان
-
أبواب الجماعة والإمامة
-
كتاب الجمعة
-
أبواب صلاة الخوف
-
كتاب العيدين
-
كتاب الوتر
-
كتاب الاستسقاء
-
كتاب الكسوف
-
أبواب سجود القرآن
-
أبواب تقصير الصلاة
-
أبواب التهجد
-
كتاب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة
-
أبواب العمل في الصلاة
-
أبواب السهو
-
كتاب الجنائز
-
كتاب الزكاة
-
أبواب صدقة الفطر
-
كتاب الحج
-
أبواب العمرة
-
أبواب المحصر
-
كتاب جزاء الصيد
-
أبواب فضائل المدينة
-
كتاب الصوم
-
كتاب صلاة التراويح
-
أبواب الاعتكاف
-
كتاب البيوع
-
كتاب السلم
-
كتاب الشفعة
-
كتاب الإجارة
-
كتاب الحوالة
-
كتاب الكفالة
-
كتاب الوكالة
-
كتاب المزارعة
-
كتاب المساقاة
-
كتاب الاستقراض
-
كتاب الخصومات
-
كتاب في اللقطة
-
كتاب المظالم
-
كتاب الشركة
-
كتاب الرهن
-
كتاب العتق
-
كتاب المكاتب
-
كتاب الهبة وفضلها والتحريض عليها
-
كتاب الشهادات
-
كتاب الصلح
-
كتاب الشروط
-
كتاب الوصايا
-
كتاب الجهاد والسير
-
كتاب فرض الخمس
-
كتاب الجزية والموادعة
-
كتاب بدء الخلق
-
كتاب أحاديث الأنبياء
-
كتاب المناقب
-
كتاب فضائل الصحابة
-
كتاب مناقب الأنصار
-
كتاب المغازي
-
باب غزوة العشيرة أو العسيرة
-
باب ذكر النبي من يقتل ببدر
-
باب قصة غزوة بدر
-
باب قول الله تعالى: {إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم}
-
باب
-
باب عدة أصحاب بدر
-
باب دعاء النبي على كفار قريش
-
باب قتل أبي جهل
-
باب فضل من شهد بدرًا
-
باب
-
باب شهود الملائكة بدرًا
-
باب
-
باب تسمية من سمي من أهل بدر
-
باب حديث بنى النضير
-
باب قتل كعب بن الأشرف
-
باب قتل أبي رافع عبد الله بن أبي الحقيق
-
باب غزوة أحد
-
باب: {إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا والله وليهما}
-
باب قول الله تعالى: {إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان}
-
باب: {إذ تصعدون ولا تلوون على أحد}
-
باب: {ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنةً نعاسًا يغشى طائفةً منكم}
-
باب: {ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم}
-
باب ذكر أم سليط
-
باب قتل حمزة
-
باب ما أصاب النبي من الجراح يوم أحد
-
باب: {الذين استجابوا لله والرسول}
-
باب من قتل من المسلمين يوم أحد
-
باب: أحد يحبنا
-
باب غزوة الرجيع ورعل وذكوان وبئر معونة
-
باب غزوة الخندق
-
باب مرجع النبي من الأحزاب ومخرجه إلى بنى قريظة ومحاصرته إياهم
-
باب غزوة ذات الرقاع
-
باب غزوة بني المصطلق من خزاعة
-
باب غزوة أنمار
-
باب حديث الإفك
-
باب غزوة الحديبية
-
باب قصة عكل وعرينة
-
باب غزوة ذات القرد
-
باب غزوة خيبر
-
حديث سويد: أنه خرج مع النبي عام خيبر
-
حديث عامر: اللهم لولا أنت ما اهتدينا
-
حديث أنس: خربت خيبر إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين
-
حديث: صبحنا خيبر بكرة فخرج أهلها بالمساحي فلما بصروا
-
حديث: إن الله ورسوله ينهيانكم عن لحوم الحمر الأهلية
-
حديث: صلى النبي الصبح قريبًا من خيبر بغلس
-
حديث: أما إنه من أهل النار
-
حديث: قم يا فلان فأذن أنه لا يدخل الجنة إلا مؤمن
-
حديث: اربعوا على أنفسكم إنكم لا تدعون أصم ولا غائبًا
-
حديث: هذه ضربة أصابتني يوم خيبر
-
حديث: التقى النبي والمشركون في بعض مغازيه فاقتتلوا فمال كل
-
حديث: نظر أنس إلى الناس يوم الجمعة فرأى طيالسة
-
حديث: لأعطين الراية غدًا رجل يحبه الله ورسوله.
-
حديث: لأعطين هذه الراية غدًا رجلًا يفتح الله على يديه
-
حديث: آذن من حولك
-
حديث: أن النبي أقام على صفية بنت حيي بطريق خيبر ثلاثة أيام
-
حديث: أقام النبي بين خيبر والمدينة ثلاث ليال يبنى عليه بصفية
-
حديث: كنا محاصري خيبر فرمى إنسان بجراب فيه شحم
-
حديث: أن رسول الله نهى يوم خيبر عن أكل الثوم
-
حديث: أن رسول الله نهى عن متعة النساء يوم خيبر
-
حديث: أن رسول الله نهى يوم خيبر عن لحوم الحمر الأهلية
-
حديث: نهى النبي عن أكل لحوم الحمر الأهلية
-
حديث: نهى رسول الله يوم خيبر عن لحوم الحمر
-
حديث: لا تأكلوا من لحوم الحمر شيئًا وأهريقوها
-
حديث: فنادى منادي النبي: أكفئوا القدور
-
حديث: لا أدري أنهى عنه رسول الله من أجل أنه كان حمولة الناس
-
حديث: قسم رسول الله يوم خيبر للفرس سهمين
-
حديث: إنما بنو هاشم وبنو المطلب شيء واحد.
-
حديث: بلغنا مخرج النبي ونحن باليمن فخرجنا مهاجرين إليه أنا
-
حديث: قدمنا على النبي بعد أن افتتح خيبر فقسم لنا
-
حديث أبي هريرة: افتتحنا خيبر ولم نغنم ذهبًا ولا فضة
-
حديث: أما والذي نفسي بيده لولا أن أترك آخر الناس ببانًا
-
حديث: لولا آخر المسلمين ما فتحت عليهم قرية إلا قسمتها
-
حديث: واعجباه لوبر تدلى من قدوم الضأن
-
حديث: واعجبًا لك وبر تدأدأ من قدوم ضأن
-
حديث: أن فاطمة أرسلت إلى أبي بكر تسأله ميراثها
-
حديث: لما فتحت خيبر قلنا: الآن نشبع من التمر
-
حديث: ما شبعنا حتى فتحنا خيبر
-
حديث سويد: أنه خرج مع النبي عام خيبر
-
باب استعمال النبي على أهل خيبر
-
باب معاملة النبي أهل خيبر
-
باب الشاة التي سمت للنبي بخيبر
-
باب غزوة زيد بن حارثة
-
باب عمرة القضاء
-
باب غزوة مؤتة من أرض الشام
-
باب بعث النبي أسامة بن زيد إلى الحرقات من جهينة
-
باب غزوة الفتح وما بعث حاطب بن أبي بلتعة إلى أهل مكة
-
باب غزوة الفتح في رمضان
-
باب أين ركز النبي الراية يوم الفتح
-
باب دخول النبي من أعلى مكة
-
باب منزل النبي يوم الفتح
-
باب
-
باب مقام النبي بمكة زمن الفتح
-
باب
-
باب قول الله تعالى: {ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم}
-
باب غزاة أوطاس
-
باب غزوة الطائف
-
باب السرية التي قبل نجد
-
باب بعث النبي خالد بن الوليد إلى بنى جذيمة
-
سرية عبد الله بن حذافة السهمي وعلقمة بن مجزز المدلجي
-
باب بعث أبي موسى ومعاذ إلى اليمن قبل حجة الوداع
-
بعث علي بن أبي طالب وخالد بن الوليد إلى اليمن قبل حجة الوداع
-
باب غزوة ذي الخلصة
-
باب غزوة ذات السلاسل
-
باب ذهاب جرير إلى اليمن
-
باب غزوة سيف البحر
-
حج أبي بكر بالناس في سنة تسع
-
باب وفد بني تميم
-
باب
-
باب وفد عبد القيس
-
باب وفد بني حنيفة وحديث ثمامة بن أثال
-
قصة الأسود العنسي
-
قصة أهل نجران
-
باب قصة عمان والبحرين
-
باب قدوم الأشعريين وأهل اليمن
-
قصة دوس والطفيل بن عمرو الدوسي
-
باب قصة وفد طيء وحديث عدي بن حاتم
-
باب حجة الوداع
-
باب غزوة تبوك
-
حديث كعب بن مالك
-
باب نزول النبي الحجر
-
باب
-
باب كتاب النبي إلى كسرى وقيصر
-
باب مرض النبي صلى الله عليه وسلم ووفاته
-
باب آخر ما تكلم النبي صلى الله عليه وسلم
-
باب وفاة النبي صلى الله عليه وسلم
-
باب
-
باب بعث النبي أسامة بن زيد في مرضه الذي توفي فيه
-
باب
-
باب كم غزا النبي صلى الله عليه وسلم؟
-
باب غزوة العشيرة أو العسيرة
-
كتاب التفسير
-
كتاب فضائل القرآن
-
كتاب النكاح
-
كتاب الطلاق
-
كتاب النفقات
-
كتاب الأطعمة
-
كتاب العقيقة
-
كتاب الذبائح والصيد
-
كتاب الأضاحي
-
كتاب الأشربة
-
كتاب المرضى
-
كتاب الطب
-
كتاب اللباس
-
كتاب الأدب
-
كتاب الاستئذان
-
كتاب الدعوات
-
كتاب الرقاق
-
كتاب القدر
-
كتاب الأيمان والنذور
-
باب كفارات الأيمان
-
كتاب الفرائض
-
كتاب الحدود
-
كتاب المحاربين من أهل الكفر والردة
-
كتاب الديات
-
كتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم
-
كتاب الإكراه
-
كتاب الحيل
-
كتاب التعبير
-
كتاب الفتن
-
كتاب الأحكام
-
كتاب التمني
-
كتاب أخبار الآحاد
-
كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة
-
كتاب التوحيد
4240- 4241- (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ) قال: (أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ) بضم العين هو: ابنُ خالد الأيلي (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ) الزُّهري (عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ ♦ أَنَّ فَاطِمَةَ ♦ بِنْتَ رَسُولِ الله صلعم ، أَرْسَلَتْ إِلَى أَبِي بَكْرٍ ☺ تَسْأَلُهُ مِيرَاثَهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلعم ، مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْهِ) أي: ممَّا أعطاه الله من أموالِ الكفَّار من غير حربٍ ولا جهادٍ، وأصله: من الفيءِ وهو الرُّجوع، يُقال: فَاء يَفِيء فَيْئة وفُيُوء كأنَّه كان في الأصل لهم فرجع إليهم، وأفاء ثلاثي مزيد فيه (بِالْمَدِينَةِ) وذلك من نحو أرض بني النَّضير حين أجلاهم (وَفَدَكَ) أي: وممَّا صالح أهل فدكٍ على نصفِ أرضها وكان النِّصف له. وفَدَك: بفتح الفاء والمهملة منصرفًا وغير منصرف، قرية على نحو مرحلتين من المدينة (وَمَا بَقِيَ مِنْ خُمُسِ خَيْبَرَ) أي: وما كان أيضًا من أرضِ خيبر لكنَّه ما استأثر بها، بل كان ينفقها على أهلهِ والمسلمين، فصارتْ بعده صدقة، وحرم التَّمليك فيها.
(فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ ☺: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلعم قَالَ: لَا نُورَثُ) أي: لا نورث منَّا (مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ، إِنَّمَا يَأْكُلُ آلُ مُحَمَّدٍ فِي هَذَا الْمَالِ. وَإِنِّي وَاللَّهِ لَا أُغَيِّرُ شَيْئًا صَدَقَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلعم / عَنْ حَالِهَا الَّتِي كَانَت عَلَيْهَا فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلعم ، وَلأَعْمَلَنَّ بِمَا عَمِلَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلعم . فَأَبَى) أي: امتنع (أَبُو بَكْرٍ ☺ أَنْ يَدْفَعَ إِلَى فَاطِمَةَ ♦ مِنْهَا شَيْئًا، فَوَجَدَتْ) أي: غضبت، من الموجدة، وهو الغضب (فَاطِمَةُ ♦ عَلَى أَبِي بَكْرٍ ☺ فِي ذَلِكَ، فَهَجَرَتْهُ فَلَمْ تُكَلِّمْهُ حَتَّى تُوُفِّيَتْ) وكان ذلك الغضب أمرًا حصلَ على مقتضى البشرية، ثمَّ سكن بعد ذلك، أو الحديث كان مأولًا عندها بما فضل عن ضروراتِ معاش الورثةِ، وأمَّا هجرانها فمعناه: انقباضُها عن لقائهِ وعدم الانبساط، لا الهجران المحرَّم من تركِ السلام ونحوه.
(وَعَاشَتْ بَعْدَ النَّبِيِّ صلعم سِتَّةَ أَشْهُرٍ) هذا هو الصَّحيح في بقائها بعده صلعم . وروى ابنُ سعد من وجهين أنَّها عاشتْ بعده صلعم ثلاثة أشهر، ونُقِل عن الواقدي، وأن ستَّة أشهر هو الثبت، وقيل: عاشت بعده سبعين يومًا، وقيل: ثمانية أشهر، وقيل: شهرين، جاء ذلك عن عائشة ♦ أيضًا. وقال البيهقي: قوله: ((وعاشت.. إلى آخره)) مدرجٌ، وذلك أنَّه وقع عند مسلم من طريق أُخرى عن الزُّهري، فذكر الحديث وقال في آخره: قلتُ للزُّهري: كم عاشت فاطمة ♦ بعده صلعم ؟ قال: ستَّة أشهر.
وقال الحافظُ العسقلاني: وعزا هذه الرِّواية لمسلم، ولم يقع عند مسلم هكذا بل فيه كما عند البخاري [موصولاً]، والله تعالى أعلم.
(فَلَمَّا تُوُفِّيَتْ دَفَنَهَا زَوْجُهَا عَلِيٌّ ☺ لَيْلًا) وكان ذلك بوصيَّةً منها لإرادة الزيادة في التَّستر، وأمَّا الحديث الَّذي أخرجه مسلم وأبو داود والنَّسائي من حديث جابر ☺ في النَّهي عن الدَّفن ليلًا فهو محمولٌ على حال الاختيار؛ لأنَّ في بعضه إلَّا أنَّ يضطر إنسان إلى ذلك.
(وَلَمْ يُؤْذِنْ بِهَا / أَبَا بَكْرٍ) أي: ولم يُعْلِم بوفاتها أبا بكر ☺، ولعلَّ ذلك لأنَّه ظنَّ أنَّه لا يخفى عنه، وليس في الخبر ما يدلُّ على أنَّ أبا بكر ☺ لم يعلم بموتها بل ولا صلَّى عليها (وَصَلَّى عَلَيْهَا) أي: صلى عليٌّ ☺ على فاطمة ♦. وروى ابنُ سعد من طريق عَمرة بنت عبد الرَّحمن: أنَّ العبَّاس ☺ صلَّى عليها، ومن عدَّة طرق أنَّها دُفنت ليلًا.
(وَكَانَ لِعَلِيٍّ مِنَ النَّاسِ وَجْهٌ حَيَاةَ فَاطِمَةَ) أي: كان الناس يحترمونه إكرامًا لفاطمة ♦، وكأنَّهم كانوا يعذرونه في التَّخلف عن أبي بكر ☺ في مدَّة حياة فاطمةَ ♦؛ لاشتغالهِ بها، وتمريضِها، وتسليةِ خاطرها عمَّا هي فيه من الحزن على أبيها صلعم مع قُربِ عهد مُفَارقته. وقيل: ولأنَّها لما غضبت من ردِّ أبي بكر ☺ عليها فيما سألتْه من الميراث رأى عليٌّ ☺ أن يوافقَها في الانقطاعِ عنه، فلذلك عذروه.
(فَلَمَّا تُوُفِّيَتِ اسْتَنْكَرَ عَلِيٌّ وُجُوهَ النَّاسِ) أي: فلمَّا ماتت فاطمةُ ♦ واستمر عليٌّ ☺ على عدم الحضور عند أبي بكر ☺ قَصَرَ الناسُ على ذلك الاحترام لإرادةِ دخولهِ فيما دخلَ فيه الناس، ولذلك قالتْ عائشة ♦ في آخر الحديث لمَّا جاء وبايعَ: «كان الناس قريبًا إليه حين راجعَ الأمر المعروف».
(فَالْتَمَسَ مُصَاحَبَةَ أَبِي بَكْرٍ (1) وَمُبَايَعَتَهُ، وَلَمْ يَكُنْ بَايَعَ (2) تِلْكَ الأَشْهُرَ) أي: في أشهرِ حياة فاطمة ♦. وقال المازريُّ: العذرُ لعلي ☺ في تخلُّفه مع ما اعتذر هو به أنَّه يكفي في بيعةِ الإمام أن يقعَ من آحاد أهل الحلِّ والعقد، ولا يجبُ الاستيعابُ، ولا يلزم كل أحدٍ أن يحضرَ عنده ويضع يده في يدِهِ، بل يكفي التزام طاعتهِ والانقياد له بأن لا يُخالفَه ولا يشقَّ العصا عليه، وهذا كان حالُ عليٍّ ☺ لم يقعْ منه إلَّا التَّأخر عن الحضورِ عند أبي بكر ☺، وقد ذُكر سبب ذلك.
(فَأَرْسَلَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ ☺ / أَنِ ائْتِنَا وَلَا يَأْتِنَا أَحَدٌ مَعَكَ، كَرَاهِيَةً لِمَحْضَرِ عُمَرَ ☺) المحضرُ: مصدر ميمي بمعنى الحضور، ويُروى: <ليحضر عمر>؛ أي: لأن يحضر؛ أي: لأجل كراهيةِ حضورِ عمر ☺، وذلك لما ألفوه من قوَّة عمر ☺ وصلابتهِ في القول والفعل، وكان أبو بكر ☺ رفيقًا ليِّن الجانب، فكأنَّهم خشوا من حضورِ عمر ☺ كثرة المعاتبةِ والمقاولةِ، فقصدوا التَّخفيف لئلا تُفضى إلى خلاف ما قصدوه من المصافاة.
(فَقَالَ عُمَرُ: لَا وَاللَّهِ لَا تَدْخُلُ عَلَيْهِمْ وَحْدَكَ) إنما قال ذلك؛ لأنَّه ظنَّ أنَّهم لا يعظِّمونه حقَّ التَّعظيم، ويتركون ما يجبُ له، وأمَّا توهمه بما لا يليقُ بهم فحاشاهُ وحاشاهُم من ذلك (فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَمَا عَسَيْتَهُمْ أَنْ يَفْعَلُوهُ بِي (3)) بكسر السين وفتحها؛ أي: ما رجوتهم أن يفعلوا، وكلمة (ما) استفهاميَّة، و(عسى) استعمل استعمالَ الرَّجاء، فلهذا اتَّصل به ضمير المفعول، والغرض أنَّهم لا يفعلون شيئًا لا يليق بهم.
وقال ابنُ مالك: في هذا شاهد على صحَّة تضمين بعض الأفعال معنى فعل آخر، وإجرائهِ مجراه في التَّعدية، فإن عسيتَ في هذا الكلام بمعنى حسبتَ وأُجريتَ مجراهُ، فنصبتَ ضمير الغائب على أنَّه مفعول أول، وأن يفعلوهُ مفعولٌ ثان، وكان حقه أن يكون عاريًا من أن، لكن جيءَ بها لئلا تخرجَ (عسى) عن مقتضاها بالكلِّية.
وأيضًا كلمة (أن) قد انسدَّت بصلتها مسدَّ ثاني مفعولي (حسب)، فلا يُستبعدُ مجيئها بعد المفعول الأول بدلًا منه، قال: ويجوزُ جعل ((ما عسيتم)) بحرف خطاب هكذا، وما عسيتُم أن تفعلوا بي. وقال الكرمانيُّ: وفي بعض الرِّوايات: <وما عساهم أن يفعلوا بي>.
(وَاللَّهِ لآتِيَنَّهُمْ، فَدَخَلَ عَلَيْهِمْ أَبُو بَكْرٍ فَتَشَهَّدَ عَلِيٌّ، فَقَالَ: إِنَّا قَدْ عَرَفْنَا فَضْلَكَ وَمَا أَعْطَاكَ اللَّهُ، وَلَمْ نَنْفَسْ) بفتح النون الأولى وسكون الثانية وفتح الفاء (عَلَيْكَ خَيْرًا سَاقَهُ اللَّهُ إِلَيْكَ) أي: لم نحسدك / على الخلافةِ ولم نضنَّ عليك في ذلك الأمر، يُقال: نَفِست _بكسر الفاء_ أنفَس _بفتحها_ نَفَاسة: إذا ضنَّ وحسد (وَلَكِنَّكَ اسْتَبْدَدْتَ) كذا في رواية أبي ذرٍّ، من الاستبداد وهو الاستقلال بالشيءِ. وفي رواية غيره: <استبدت> بدال واحدة وهو بمعناه، وأسقطت الدال الثانية تخفيفًا كما في قوله تعالى: {فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ} [الواقعة:65] أصله: ظللتم.
(عَلَيْنَا بِالأَمْرِ) أي: بالخلافة، والمراد أنَّك لم تشاورنا فيه، وما عينت لنا نصيبًا منه (وَكُنَّا نُرَى) بضم النون؛ أي: نظنُّ، ويُروى بفتحها (لِقَرَابَتِنَا) أي: لأجل قرابتنا (مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلعم نَصِيبًا) أي: لنا في الأمر (حَتَّى فَاضَتْ عَيْنَا أَبِي بَكْرٍ ☺) أي: لم يزل علي ☺ يذكر رسولَ الله صلعم حتَّى فاضتْ عينا أبي بكر ☺ من الرِّقَّة.
قال المازريُّ: ولعلَّ عليًا ☺ أشار إلى أنَّ أبا بكر ☺ استبدَّ عليه بأمور عظامٍ كان حق مثله عليه أن يحضرهُ فيها ويُشاورهُ، أو أشار إلى أنَّه لم يستشره في عقدِ الخلافة له أولًا، والعذرُ لأبي بكر ☺ أنَّه خشيَ من التَّأخر عن البيعة من الاختلافِ والتَّنازع لما كان وقع من الأنصار، كما تقدَّم في حديث السقيفة فلم ينتظروه [خ¦3667].
(فَلَمَّا تَكَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ ☺ (4) قَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَقَرَابَةُ) بفتح اللام (رَسُولِ اللَّهِ صلعم أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ أَصِلَ مِنْ قَرَابَتِي، وَأَمَّا الَّذِي شَجَرَ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ) أي: وقع من الاختلاف والتَّنازع (مِنْ هَذِهِ الأَمْوَالِ) أي: الَّتي تركها النَّبي صلعم من أرض خيبر وغيرها (فَإِنِّي لَمْ آلُ) بمد الهمزة وضم اللام؛ أي: لم أُقصر (فِيهَا عَنِ الْخَيْرِ، وَلَمْ أَتْرُكْ أَمْرًا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلعم يَصْنَعُهُ فِيهَا إِلَّا صَنَعْتُهُ. فَقَالَ عَلِيٌّ لأَبِي بَكْرٍ) ☻ (مَوْعِدُكَ) الْعَشِيَّةَ بالفتح ويجوز الضم، أمَّا الفتح فعلى الظَّرفية، وأمَّا الضم فعلى أنَّه خبر المبتدأ، وهو قوله: موعدك، والعشيَّة بعد الزوال (لِلْبَيْعَةِ، فَلَمَّا صَلَّى أَبُو بَكْرٍ الظُّهْرَ رَقِيَ) بكسر القاف بعدها تحتانية، وحكى ابن التِّين أنَّه رآه في نسخة: بفتح القاف بعدها ألف، وهو تحريفٌ؛ أي: علا (الْمِنْبَرَ، فَتَشَهَّدَ، وَذَكَرَ شَأْنَ عَلِيٍّ وَتَخَلُّفَهُ عَنِ الْبَيْعَةِ، / وَعَذَرَهُ) بفتح العين والذال على أنَّه فعل ماض، كذا في رواية أبي ذرٍّ، أي: قبل عذره، وفي رواية غيره: <وعُذْره> بضم العين وإسكان الذال وبالنصب عطفًا على قوله: ((وتخلفَه))؛ أي: وذكر عذره أيضًا (بِالَّذِي اعْتَذَرَ إِلَيْهِ، ثُمَّ اسْتَغْفَرَ وَتَشَهَّدَ عَلِيٌّ، فَعَظَّمَ حَقَّ أَبِي بَكْرٍ) زاد مسلم في روايته من طريق مَعْمر عن الزُّهري، وذكر فضله وسابقته، ثمَّ مضى إلى أبي بكر فبايعَهُ (وَحَدَّثَ: أَنَّهُ لَمْ يَحْمِلْهُ عَلَى الَّذِي صَنَعَ نَفَاسَةً عَلَى أَبِي بَكْرٍ، وَلَا إِنْكَارًا لِلَّذِي فَضَّلَهُ اللَّهُ بِهِ، وَلَكِنَّا نَرَى لَنَا فِي هَذَا الأَمْرِ نَصِيبًا، فَاسْتَبَدَّ عَلَيْنَا، فَوَجَدْنَا فِي أَنْفُسِنَا. فَسُرَّ بِذَلِكَ الْمُسْلِمُونَ وَقَالُوا: أَصَبْتَ، وَكَانَ الْمُسْلِمُونَ إِلَى عَلِيٍّ قَرِيبًا) أي: كان ودُّهم له قريبًا (حِينَ رَاجَعَ الأَمْرَ الْمَعْرُوفَ) أي: موافقة سائر الصَّحابة والدُّخول فيما دخلوا فيه من المبايعة والمتابعة.
قال القرطبيُّ: من تأمّل ما دارَ بين أبي بكر وعلي ☻ في هذا المجلس من المعاتبة والاعتذار، وما تضمَّن ذلك من الإنصافِ عرف أن بعضَهم كان يعترفُ بفضل الآخر، وأنَّ قلوبهم كانت متَّفقة على الاحترام والمحبَّة، وإن كان الطَّبع البشري قد يغلبُ أحيانًا لكن الدِّيانة تردُّ ذلك، والله الموفق.
وقد تمسَّك الرَّافضة بتأخُّر علي ☺ عن بيعة أبي بكر ☺ إلى أن ماتت فاطمة ♦ وهذيانهم في ذلك مشهورٌ، وفي هذا الحديث الصَّحيح ما يدفعُ حجَّتهم، وقد صحَّح ابن حبَّان وغيره من حديث أبي سعيد الخدريِّ ☺ أنَّ عليًا ☺ بايعَ أبا بكر ☺ في أوَّل الأمر، وأمَّا ما وقع في مسلم عن الزُّهري: ((أنَّ رجلًا قال له: لم يُبايع عليٌّ أبا بكر حتَّى ماتت فاطمة قال: لا، ولا أحد من بني هاشم))، فقد ضعَّفه البيهقيُّ بأنَّ الزُّهري لم يُسنده، وأن الرِّواية الموصولة عن أبي سعيد ☺ أصحُّ، وجمع غيره بأنَّه بايعه بيعةً ثانية مؤكدة للأولى لإزالة ما كان وقعَ بسبب الميراث، كما تقدَّم [خ¦3092]، وعلى هذا يُحملُ قول الزُّهري: لم يبايعْه عليٌّ في تلك الأيام على إرادة الملازمة له والحضورِ عنده وما أشبه ذلك، فإن في انقطاعِ مثله عن مثله ما يُوهم من لا يعرف باطن الأمر أنه بسبب عدم الرِّضا بخلافته، فأطلق من أطلق ذلك، وبسبب ذلك أظهر علي ☺ المبايعة الَّتي بعد موت فاطمة ♦ لإزالةِ هذه الشُّبهة، / والله تعالى أعلم.
ومطابقة الحديث للترجمة تُؤخذُ من قوله: ((من خمس خيبر)).
وقد مضى الحديث في باب فرض الخمس [خ¦3092]، ولكن بينهما تفاوتٌ في المتن بزيادةٍ ونقصان.
[1] في هامش الأصل: في نسخة: مصالحة أبي بكر.
[2] في هامش الأصل: في نسخة: يبايع.
[3] في هامش الأصل: في نسخة: أن يفعلوا بي.
[4] في هامش الأصل: في نسخة: فلما تكلم تكلم أبو بكر.