نجاح القاري لصحيح البخاري

حديث: فنادى منادي النبي: أكفئوا القدور

          4221- 4222- (حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ) قال: (حَدَّثَنَا شُعْبَةُ) قال: (أَخْبَرَنِي) بالإفراد (عَدِيُّ بْنُ ثَابِتٍ، / عَنِ الْبَرَاءِ) أي: ابن عازب (وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى) ☻ (أَنَّهُمْ كَانُوا مَعَ النَّبِيِّ صلعم فَأَصَابُوا حُمُرًا) يعني: في غزوة خيبر (فَاطَّبَخُوهَا) بتشديد الطاء المهملة؛ أي: عالجوا طبخها (فَنَادَى مُنَادِي النَّبِيِّ صلعم ) هو أبو طلحة، كما تقدَّم [خ¦4220] (أَكْفِؤُا الْقُدُورَ) من الإكفاء، وهو القلب، وجاء الثلاثي أيضًا [بمعناه]، وحاصل المعنى: أميلوها ليُراق ما فيها.
          ومطابقته للترجمة من حيث أنَّه كان ذلك في غزوة خيبر. وقد أخرجه عن البراء مقرونًا بعبد الله بن أبي أوفى، وقد أخرجه مسلم أيضًا عنهما.
          4223- 4224- (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ) هو: ابنُ منصور، قال: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ) هو: ابنُ عبد الوارث، وقد أخرجه أبو نُعيم في «المستخرج» من طريق إسحاق بن رَاهَوَيْه فقال: عن النَّضر، وهو ابن شُمَيل عن شعبة فدلَّ على أنَّه ليس شيخ البُخاري فيه. وقد حقَّق الحافظ العسقلاني في «المقدمة» أنَّ إسحاق حيث أتى عن عبد الصَّمد فهو ابنُ منصور لا ابن رَاهَوَيْه.
          (حَدَّثَنَا شُعْبَةُ) قال: (حَدَّثَنَا عَدِيُّ بْنُ ثَابِتٍ قَالَ: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ وَابْنَ أَبِي أَوْفَى يُحَدِّثَانِ، عَنِ النَّبِيِّ صلعم ) أنَّه (قَالَ يَوْمَ خَيْبَرَ، وَقَدْ نَصَبُوا الْقُدُورَ: أَكْفِؤُا الْقُدُورَ) وهذا طريق آخر في الحديث المذكور.
          4225- (حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ) هو: ابنُ إبراهيم، قال: (حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَنِ الْبَرَاءِ) أنَّه (قَالَ: غَزَوْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلعم نَحْوَهُ) قد أخرجه أبو نُعيم في «المستخرج» من طريق محمد بن يحيى الذُّهلي عن مسلم بن إبراهيم بلفظ: غزونا مع النَّبي صلعم خيبر فأصبْنا حُمُرًا فطبخناها فقال النَّبي صلعم : ((أكفؤا القدور))، وهذا طريق آخر أيضًا في الحديث المذكور، وقد اقتصر في روايته على البراء.
          وقد بيّن الإسماعيلي الاختلاف فيه على شعبة، وأنَّ أكثر الرُّواة جمعوا بينهما، ومنهم من أفرد أحدهما بالذِّكر، ومنهم من رواه عن شعبة فقال: عن عدي عن ابنِ أبي أوفى، أو البراء بالشَّك، وقد أخرجه البخاري من ثلاث طُرق كما رأيتها اثنان عاليان، وواحد نازلٌ، فذكره بين العاليين؛ لأنَّ فيه التَّصريح بسماع التَّابعي له من الصَّحابيين دونهما / فإنهما بالعنعنة.
          4226- (حَدَّثَنِي) بالإفراد (إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى) قال: (أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ) هو: يحيى بن زكريا بن أبي زائدة الرَّازي، قال: (أَخْبَرَنَا عَاصِمٌ) هو: الأحولُ (عَنْ عَامِرٍ) هو: الشَّعبي (عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ ☻ ) أنَّه (قَالَ: أَمَرَنَا النَّبِيُّ صلعم فِي غَزْوَةِ خَيْبَرَ: أَنْ نُلْقِيَ) بضم النون وسكون اللام وكسر القاف من الإلقاءُ وكلمة (أن) مصدريَّة (الْحُمُرَ الأَهْلِيَّةَ) أي: أمرنا بإلقاء الحُمُر الأهلية مطلقًا (نِيْئَةً وَنَضِيجَةً) بالتنوين فيهما، فقوله: (نِيْئَة) _بكسر النون وسكون التحتية وبالهمزة المفتوحة_، ويروى: <نيَّة> بتشديد التحتية، ذكره ابنُ الأثير في باب نيأ، يعني: في باب النون بعدها الياء ثمَّ الهمزة. وذكره الجوهريُّ في باب نوا _بالواو موضع الياء_ ثمَّ قال: وأناء اللَّحم يُنيئُه إناءةً: إذا لم يُنضجْه، وقد ناء اللَّحم يَنيء فهو لحمٌ نِيء _بالكسر_. وقال ابنُ الأثير: وقد تُقلبُ الهمزة ياء فيُقال: نِيٌّ _بالتشديد_. وقال الكرمانيُّ: نِيْئَةً ونضيجةً بالتنوين والإضافة؛ يعني: يجوز فيه الوجهان:
          أحدهما: نيئة ونضيجة، بالتاء في آخرهما. والآخر: نيها ونضيجها بالإضافة إلى الضَّمير الَّذي يرجع إلى اللُّحوم، ففي الإضافة بحذف التاء.
          (ثُمَّ لَمْ يَأْمُرْنَا بِأَكْلِهِ بَعْدُ) بضم الدَّال؛ أي: بعدَ أمرهِ صلعم بإلقاءِ الحُمُر الأهليَّة، وفيه إشارة إلى استمرارِ تحريمها، ومطابقة الحديث للترجمة ظاهرةٌ، وقد أخرجه مسلم أيضًا في الذَّبائح، والنَّسائي في الصَّيد، وابن ماجه في الذَّبائح.