نجاح القاري لصحيح البخاري

باب: {الذين استجابوا لله والرسول}

          ░25▒ (بابٌ: {الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ}[آل عمران:172]) أي: سبب نزول هذه الآية وأنها تتعلق بأُحد. والآية في أواخر سورة آل عمران، قال الله تعالى: {الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ} صفة للمؤمنين في قوله تعالى: {وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ} [آل عمران:171]، أو نصب على المدح أو مبتدأ خبره {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ} [آل عمران:172] بجملته و«من» للبيان، والمقصود من ذكر الوصفين المدح والتعليل لا التقييد؛ لأن المستجيبين كلهم محسنون متقون.
          قال ابن إسحاق: كان أُحدٌ يوم السبت للنصف من شوال، فلما كان الغد يوم الأحد سادس عشر شوال أذَّن مؤذِّن رسول الله صلعم في الناس بطلب العدو، وأن لا يخرج معنا إلا من حضر بالأمس واستأذنه جابر بن عبد الله ☻ في الخروج معه فأذن له، وإنما خرج مرهباً للعدو وليظنوا أن الذي أصابهم لم يُوهنهم عن طلب عدوهم.
          فلمَّا بلغ حمراءَ الأسد وهي على ثمانية أميالٍ من المدينة لقيه مَعبد بن أبي مَعبد الخُزاعي فيما حدَّثني به عبد الله بن أبي بكر فعزَّاهُ بمصاب أصحابه، ثم إنَّه لقيَ أبا سفيان ومن معه وهم بالرَّوحاء (1) وقد تلوَّموا في أنفسهم وقالوا: أصبنا جلَّ أصحابِ محمَّد وأشرافَهم، وانصرفنَا قبل أن نستأصلَهم وهمُّوا / بالعودِ إلى المدينة، فأخبرهُم معبد أنَّ محمداً صلعم قد خرجَ في طلبكُم في جمعٍ لم أرَ مثلَه ممَّن خلَّف عنه بالمدينة. قال: فثَنَاهم ذلك عن رأيهِم، وألقَى الله الرُّعب في قُلوبهم، فرَجعوا إلى مكَّة فنزلت الآية.
          وعند عبد بن حُميد من مرسل عكرمة نحو هذا.


[1] في هامش الأصل: الروحاء: موضع بين الحرمين على ثلاثين أو أربعين ميلاً من المدينة. قاموس.