نجاح القاري لصحيح البخاري

باب غزوة الطائف

          ░56▒ (باب غَزْوَةُ الطَّائِفِ) هو بلدٌ كبيرٌ مشهورٌ كثيرُ الأعناب والنَّخيل على ثلاث مراحل أو اثنتين من مكَّة من جهة المشرق، وأصل تسميته بالطَّائف ما ذكره ابن هشام أنَّ رجلًا من الصَّدف يُقال له: الدَّمُون بن عبيد بن مالك، قتل ابن عمٍّ له، يُقال له: عَمرو بحضرموت، ثمَّ هربَ، ورأى مسعود بن مُعتب الثَّقفي بوجٍّ _بتشديد الجيم_ ومعه مالٌ كثيرٌ، وكان تاجرًا، فقال: أحالفكُم لتزوجوني وأزوجكُم وأبني عليكم طوفًا مثل الحائط لا يصلُّ إليكم أحدٌ من العرب، فبنى بذلك المال طوفًا عليهم فسَمي به الطَّائف.
          وحكى السُّهيلي: أنَّ الجنة الَّتي ذكرها الله تعالى في قوله: {فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ} [القلم:19] هي الطَّائف اقتلعها جبريل ◙ من موضعها فأصبحتْ كالصَّريم، ثمَّ سار بها إلى مكة شرَّفها الله تعالى وطافَ بها / حول البيت، ثمَّ أنزلها حيث الطَّائف اليوم فسمِّي بها، وكانت تلك الجنَّة بضَرَوان على فراسخ من صنعاء.
          ومن ثمَّة كان الماء والشَّجر بالطَّائف دون ما حولها من الأرض، واسم الأرض: وَجٌّ _بتشديد الجيم_ سُميت برجل وهو ابن عبد الجنِّ (1) من العمالقة، وهو أول من نزلها، وكانت قصَّة تلك الجنة بعد عيسى ◙ بيسير، وسارَ النَّبي صلعم إليها بعد منصرفه من حنين وحبس الغنائم بالجِعْرانة.
          وكان مالك بن عوف قائد هوازن لما انهزمَ، دخل الطَّائف وكان له حصنٌ على أميال من الطَّائف، فمرَّ به النَّبي صلعم وهو سائر إلى الطَّائف فأمر بهدمه.
          (فِي شَوَّالٍ سَنَةَ ثَمَانٍ) أي: كانت غزوة الطَّائف في شوال سنة ثمان (قَالَهُ مُوسَى بْنُ عُقَبْةَ) بالقاف صاحب «المغازي» وهو قول جمهور أهلِ المغازي، وقيل: بل وصل إليها في أوَّل ذي القعدة.


[1] كذا في الفتح، وفي كتب السير (ابن عبد الحي)